صفحة جزء
461 - قرأت على أبي القاسم الأزجي ، عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي ، قال : أنا أبو بكر الخلال ، أنا سليمان بن الأشعث ، قال :

[ ص: 439 ] " سمعت أبا عبد الله - يعني : أحمد بن حنبل يقول : " الاتباع أن يتبع الرجل ، ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن أصحابه ، ثم هو بعد في التابعين مخير " .

ومن قال إنه ليس بحجة : استدل بأن الله تعالى إنما أمر باتباع جميع المؤمنين ، فدل على أن اتباع بعضهم لا يجب ، ولأنه قول عالم يجوز إقراره على الخطأ ، فلم يكن حجة كقول التابعين ، والدليل على أنه ليس بتوقيف ، أنه لو كان كذلك لنقل في وقت من الأوقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما لم ينقل دل على أنه ليس بتوقيف .

قالوا : واعتلال من قال إنه حجة بأن الصحابي أعلم بمعاني كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومقاصده إنما يصح إذا علم بأنه قاس على ما سمعه واضطر إلى قصده ، فأما إذا احتمل أن يكون قاس على ما في القرآن ، أو على ما سمع غيره يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو قاس على ما سمعه ولم يضطر إلى قصده ، فإنه ليس كل سامع للكلام يجب أن يضطر إلى قصد المتكلم ، وإنما هو على حسب قيام دلالة الحال ، وإذا كان كذلك لم يصح ما قاله .

فإذا قلنا بالقول الأول ، وأنه حجة قدم على القياس ، ويلزم التابعي العمل به ولا يجوز له مخالفته ، وإذا قلنا : إنه ليس بحجة فالقياس مقدم عليه ، ويسوغ للتابعي مخالفته .

[ ص: 440 ] فأما إذا اختلفت الصحابة على قولين لم يكن قول بعضهم حجة على بعض ، ولم يجز تقليد واحد من الفريقين ، بل يجب الرجوع إلى الدليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية