صفحة جزء
505 - أنا محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن زرقويه ، أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي ، نا أحمد بن علي الأبار ، نا هشام بن عمار الدمشقي ، عن محمد بن عبد الله القرشي ، عن ابن شبرمة ، قال : دخلت أنا وأبو حنيفة ؛ وأنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ - واللفظ له - أنا أبو حفص : عمر بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الجمحي بمكة ، نا علي بن عبد العزيز ، نا أبو الوليد القرشي ، نا محمد بن عبد الله بن بكار القرشي ، حدثني سليمان بن جعفر ، نا محمد بن يحيى الربعي ، قال : قال ابن شبرمة : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد بن علي ، وسلمت عليه ، وكنت له صديقا ، ثم أقبلت على جعفر ، وقلت : أمتع الله بك ، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل ، فقال لي جعفر : لعله الذي يقيس الدين برأيه ، ثم أقبل علي ، فقال : " أهو النعمان ؟ " قال محمد بن يحيى الربعي ، ولم أعرف اسمه إلا ذلك اليوم - فقال له أبو حنيفة : نعم أصلحك الله ، فقال له جعفر : " اتق الله ، ولا تقس الدين برأيك ، فإن أول من قاس إبليس ، إذ أمره الله بالسجود لآدم ، فقال : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) ثم قال له جعفر : " هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك ؟ " فقال له : لا - وفي حديث ابن رزقويه : نعم - فقال له : " أخبرني عن الملوحة في العينين ، وعن المرارة في الأذنين ، وعن [ ص: 465 ] الماء في المنخرين ، وعن العذوبة في الشفتين ، لأي شيء جعل ذلك ؟ " قال : لا أدري ، قال له جعفر : " إن الله تعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين ، وجعل الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم ، ولولا ذلك لذابتا فذهبتا ، وجعل المرارة في الأذنين منا منه عليه ، ولولا ذلك لهجمت الدواب فأكلت دماغه ، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ، وتجد من الريح الطيبة ومن الريح الرديئة ، وجعل العذوبة في الشفتين ليعلم ابن آدم مطعمه ومشربه " ، ثم قال لأبي حنيفة : " أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها إيمان ؟ " قال : لا أدري ، فقال جعفر : " لا إله إلا الله ، فلو قال : لا إله ثم أمسك كان مشركا ، فهذه كلمة أولها شرك وآخرها إيمان " ، ثم قال له : " ويحك أيها أعظم عند الله : قتل النفس التي حرم الله أو الزنا ؟ " قال : " لا ، بل قتل النفس " ، قال له جعفر : " إن الله قد رضي في قتل النفس بشاهدين ، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ، فكيف يقوم لك قياس ؟ " ، ثم قال : " أيهما أعظم عند الله الصوم أم الصلاة ؟ " قال : " لا ، بل الصلاة " ، قال : " فما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصوم ، ولا تقضي الصلاة ؟ اتق الله يا عبد الله ولا تقس ، فإنا نقف غدا نحن وأنت ومن خالفنا بين يدي الله تبارك وتعالى ، فنقول : قال الله عز وجل ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وتقول أنت وأصحابك سمعنا ورأينا ، [ ص: 466 ] فيفعل الله تعالى بنا وبكم ما يشاء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية