صفحة جزء
570 - أنا البرقاني ، قال : قرأت على أبي بكر الإسماعيلي : أخبرك الحسن بن سفيان ، نا محمد بن المنهال ، نا يزيد بن زريع ، نا هشام ، عن قتادة ، عن أنس : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال " ، فلما قام عمر بن الخطاب دنا الناس من الريف والقرى ، فاستشار عمر الناس في حد الخمر ، فقال عبد الرحمن بن عوف : " يا أمير المؤمنين من يشربها يهجر ، ومتى ما هجر يقذف ، فنرى أن تجعله كأخف الحدود " ، قال : وكان أول من جلد في الخمر ثمانين .

وهذا التعليل أجمع الناس على صحته ، فلم يخالف قائله فيه أحد .

وأما الضرب الثاني من الدليل على صحة العلة فهو : الاستنباط ، وذلك من وجهين : أحدهما : التأثير ، والثاني : شهادة الأصول .

فأما التأثير فهو : أن يوجد الحكم لوجود معنى ، فيغلب على الظن أنه لأجله ثبت الحكم ، وذلك مثل قولنا في تعليل الخمر أنه شراب فيه شدة مطربة ، فإنه قبل حدوث الشدة فيه وهو عصير ، كان [ ص: 521 ] حلالا ، ثم حدثت الشدة فيه فحرم ، ثم زادت الشدة فحل ، فعلم أن الشدة هي العلة في تحريمه .

وأما شهادة الأصول : فتختص بقياس الدلالة ، مثل أن يقول في أن القهقهة في الصلاة لا تنقض الوضوء : " ما لا ينقض الطهر خارج الصلاة ، لا ينقضه داخل الصلاة كالكلام " ، فيدل عليها بأن الأصول تشهد بالتسوية بين داخل الصلاة وخارجها في هذا المعنى ، ألا ترى أن ما نقض الوضوء داخل الصلاة نقضه خارجها كالأحداث كلها وما لا ينقض الوضوء خارج الصلاة لا ينقضه داخلها ، فيجب أن تكون القهقهة مثلها .

[ ص: 522 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية