صفحة جزء
584 - ثم أنا أبو الحسين : محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي ، قال : حدثني جدي ، لأمي القاضي أبو الحسن : علي بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري بسامراء ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، نا أبو مصعب الزهري ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه ، واسع بن حبان ، عن عبد الله بن عمر ، أنه كان يقول : " إن ناسا يقولون إذا قعدت لحاجتك ، فلا تستقبل القبلة ، ولا بيت المقدس " ، فقال عبد الله بن عمر : " لقد ارتقيت على ظهر بيتنا ، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبلا بيت المقدس لحاجته " .

وليس في هذين الحديثين خلاف ولا نسخ ، أما حديث أبي أيوب فإنه محمول على النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء ، وكان القوم عربا يخرجون لقضاء الحاجة إلى الصحاري ، ولم يكن عليهم ضرورة في أن ينحرفوا عن جهة القبلة شرقا أو غربا ، وحديث ابن عمر خاص في المنازل ، لأنها متضايقة ، لا يمكن من التحرف فيها ما يمكن في الصحراء ، فلما ذكر ابن عمر أنه رأى رسول الله مستقبلا بيت المقدس ، وهو حينئذ مستدبر الكعبة ، دل ذلك على أن النهي منصرف إلى استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء دون المنازل ، وسمع أبو أيوب النهي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلم ما علمه ابن عمر ، [ ص: 541 ] فخاف المأثم في أن يجلس لقضاء حاجته مستقبل الكعبة فتحرف عن جهتها ، وهكذا يجب على كل من سمع شيئا أن يعمل به ، إذا لم يعرف غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية