صفحة جزء
باب الكلام في التقليد وما يسوغ منه وما لا يسوغ

قد ذكرنا الأدلة التي يرجع إليها المجتهد في معرفة الأحكام ، وبقي الكلام في بيان ما يرجع إليه العامي في العمل وهو التقليد .

وجملته أن التقليد هو : قبول القول من غير دليل .

والأحكام على ضربين . . عقلي وشرعي .

فأما العقلي : فلا يجوز فيه التقليد ، كمعرفة الصانع تعالى ، وصفاته ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصدقه ، وغير ذلك من الأحكام العقلية .

وحكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري أنه قال : يجوز التقليد في أصول الدين .

وهذا خطأ لقول الله تعالى : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) وقال الله تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) وقال تعالى : ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ) [ ص: 129 ] فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الأهدى فقالوا : ( إنا بما أرسلتم به كافرون ) وقال تعالى : ( واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) فتركوا جواب المسألة لانقطاعهم عنه ، وكشفت المسألة عن عوار مذهبهم ، فذكروا ما لم يسألهم عنه من فعل آبائهم وتقليدهم إياهم ، وقال تعالى : ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) ، وقال تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية