صفحة جزء
794 - أنا أبو مسلم جعفر بن باي الفقيه الجيلي ، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ بأصبهان ، نا محمد بن خالد بن يزيد البرذعي ، قال : سمعت عطية بن بقية ، يقول : قال لي أبي : " كنت عند شعبة بن الحجاج ، إذ قال لي " يا أبا يحمد ، إذا جاءتكم مسألة معضلة من تسألون عنها ؟ " قال : قلت في نفسي : هذا رجل قد أعجبته نفسه ، قال : قلت : يا أبا بسطام نوجه إليك وإلى أصحابك حتى تفتونا ، قال : فما كان إلا هنيهة إذ جاءه رجل ، فقال : يا أبا بسطام ، رجل ضرب رجلا على أم رأسه ، فادعى المضروب أنه انقطع شمه ، قال : فجعل شعبة يتشاغل عنه يمينا وشمالا ، فأومأت إلى الرجل أن ألح عليه ، فالتفت إلي فقال : " يا أبا يحمد ما أشد البغي على أهله ، لا والله ما عندي فيه شيء ، ولكن أفته أنت " ، قال : قلت : يسألك وأفتيه أنا ؟ قال : فإني قد سألتك ، قال : قلت : سمعت الأوزاعي والزبيري يقولان : يدق الخردل دقا بالغا ثم يشم فإن عطس كذب ، وإن لم يعطس صدق ، قال : " جئت بها يا بقية ، والله ما يعطس رجل انقطع شمه أبدا " .

[ ص: 165 ] فإن قال قائل : درس الفقه إنما يكون في الحداثة وزمان الشبيبة ، لأنه يحتاج إلى الملازمة ، وشدة الصبر عليه ، والمداومة ، ولا يقدر على ذلك من علت سنه ، ولا يطمع فيه من مضى أكثر عمره .

قيل : ليس مما ذكرت بمانع من طلبه ، ولأن يلقى الله طالبا للعلم خير من أن يلقاه تاركا له ، زاهدا فيه راغبا عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية