صفحة جزء
862 - أنا القاضي أبو زرعة : روح بن محمد بن أحمد الرازي ، نا [ ص: 203 ] أبو سهل : أحمد بن محمد بن جمان الجواليقي لفظا ، نا أبو عبد الله محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس ، أنا مسدد ، أنا معتمر ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " . قالوا : يا رسول الله هذا أنصره مظلوما ، فكيف أنصره ظالما ؟ قال : " تأخذ فوق يديه " .

وينبغي أن يراعي ما يحفظه ، ويستعرض جميعه كلما مضت له مدة ، ولا يغفل ذلك ، فقد كان بعض العلماء إذا علم إنسانا مسألة من العلم ، سأله عنها بعد مدة ، فإن وجده قد حفظها علم أنه محب للعلم ، فأقبل عليه وزاده وإن لم يره قد حفظها وقال له المتعلم : كنت قد حفظتها فأنسيتها أو قال : كتبتها فأضعتها أعرض عنه ولم يعلمه .

وينبغي ألا يسأل الفقيه أن يذكر له شيئا إلا ومعه سلامة الطبع وفراغ القلب ، وكمال الفهم ، لأنه إذا حضره ناعسا أو مغموما ، أو مشغول القلب ، أو قد بطر فرحا ، أو امتلأ غضبا لم يقبل قلبه ما سمع وإن ردد عليه الشيء وكرر ، فإن فهم لم يثبت في قلبه ما فهمه حتى ينساه ، وإن استعجم قلبه عن الفهم ، كان ذلك داعية للفقيه إلى الضجر وللمتعلم إلى الملل ، وكلما ذكرت أنه يلزم المتعلم افتقاده من [ ص: 204 ] نفسه ، فإن على الفقيه مثله إلا أن المتعلم يحتاج من ذلك إلى أكثر مما يحتاج إليه الفقيه ، لأنه يريد أن يسمع ما لم يكن سمعه من قبل ، فيريد أن يتعرفه ، وأن يتحفظه ، والفقيه فهم لما يريد أن يلقيه حافظ لما يقصد أن يحكيه ، فإذا كان الفقيه من الحفظ والمعرفة على ما ذكرت ويلزمه من افتقاد نفسه ما وصفت ، والمتعلم يريد أن يلقي إلى قلبه ما لا يعرفه ، وقلبه نافر عنه ، ونفسه تستثقل التعب ، والإكباب على الطلب فهو يحتاج من فراغ القلب إلى أكثر مما يحتاج إليه الفقيه ، ويحتاج إلى صبر شديد على الاستذكار والترديد ، ولهذا قال الشافعي ، فيما :

التالي السابق


الخدمات العلمية