صفحة جزء
879 - أنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أنا الحسين بن صفوان ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، نا أبو خيثمة ، ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار ؟ " فقلت : إني أفعل ذلك ، قال : " إنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك ، ونقهت نفسك لعينك حق ، ولنفسك حق فصم وأفطر ، وصل ونم " .

قال ابن أبي الدنيا ، قال أبي : " نقهت نفسك عن الشيء : إذا ملت ، فلم تشتهه وهجمت عينك : إذا سالت بالدموع " .

وينبغي أن يجعل لنفسه مقدارا ، كلما بلغه وقف وقفة أياما لا يريد تعلما ، فإن ذلك بمنزلة البنيان : ألا ترى أن من أراد أن يستجيد البناء ، بناه أذرعا يسيرة ، ثم تركه حتى يستقر ، ثم يبني فوقه ، ولو بنى البناء كله في يوم واحد لم يكن بالذي يستجاد ، وربما انهدم بسرعة ، [ ص: 218 ] وإن بقي كان غير محكم ، فكذلك المتعلم ينبغي أن يجعل لنفسه حدا ، كلما انتهى إليه وقف عنده ، حتى يستقر ما في قلبه ، ويريح بتلك الوقفة نفسه ، فإذا اشتهى التعلم بنشاط عاد إليه ، وإن اشتهاه بغير نشاط لم يعرض له ، فإنه قد يشتهي الإنسان ، لما كان نظير له يحب أن يعلو عليه ، ويرى من نفسه الاقتدار ، وليس له في الطبع نشاط ، فلا يثبت ما يتعلمه في قلبه ، وإذا اشتهى مع نشاط يكون فيه ثبت في قلبه ما يسمعه وحفظه ، فإذا أكل ضره ولم يستمره ، وإذا اشتهى والمعدة نقية ، استمرأ ما أكل وبان على جسمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية