صفحة جزء
فصل :

158 - ذكر الطبراني في دلائل النبوة ، حدثنا أبو مسلم الكشي ، حدثنا عمرو بن حكام ، ثنا المثنى بن سعيد القصير ، ثنا أبو جمرة أن ابن عباس - رضي الله عنه - أخبرهم عن بدء إسلام أبي ذر - رضي الله عنه - لما بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي بعث أخاه ، فقال : ائت مكة حتى تسمع منه ، وتأتني بخبره ، فانطلق أخوه إلى مكة ، فسمع من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانصرف إلى أبي ذر ، فأخبره أنه يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويأمر بمكارم الأخلاق ، فقال : ما شفيتني ، ثم أخذ شنة فيها ماء ، وزاده ، ثم انطلق حتى أتى مكة ، ففرق أن يسأل أحدا عن شيء ، ولم يلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أجنه الليل ، فلما اعتم مر به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فقال : من الرجل ؟ قال : رجل من غفار ، قال : فانطلق إلى منزلك ، فانطلق به إلى منزله لا يسأل واحدا منهما صاحبه عن شيء ، فلما أصبح غدا ، فلم يلقه ، فنام في ناحية المسجد ، فمر به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فقال : أما آن للرجل أن يعرف منزله ، فانطلق معه لا يسأل أحد منهما صاحبه عن شيء ، فلما كان اليوم الثالث أخذ على علي - رضي الله عنه - لئن أخبره بالذي يريد ليكتمن عليه ، وليسترن عليه ، ففعل ، فقال : إنه بلغني أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي ، فبعثت بأخي ، فلم يأتني بما يشفيني ، فجئت بنفسي لأخبر خبره ، فقال له علي - رضي الله عنه - : إني غاد فاتبع أثري ، فإني إن رأيت ما أخاف عليك منه قمت كأني أبول ورجعت إليك ، وإن لم أر شيئا فاتبع أثري ، فغدا علي - رضي الله عنه - ، وغدا أبو ذر - رضي الله عنه - على أثره حتى دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأخبره خبره ، وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأسلم ، فقال : يا رسول الله ، مرني بأمرك ، فقال : ارجع إلى قومك حتى إذا بلغك خبري ، فأتني ، فقال : لا ، والله حتى أصرخ بالإسلام ، فخرج إلى المسجد ، فنادى بالصلاة ، ونادى أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقال المشركون : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، ثم ضربوه حتى سقط ، فمر [ ص: 146 ] به العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - ، فانكب عليه ، ثم قال : يا معشر قريش ، أنتم تجار ، وطريقكم على غفار تريدون أن يقطع الطريق عليكم ، فأمسكوا عنه ، فلما كان اليوم الثاني عاد لمثل مقامه ، فعادوا لضربه ، فمر عليه العباس - رضي الله عنه - ، فقال لهم مثل ذلك ، فهذا كان بدء إسلام أبي ذر - رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية