صفحة جزء
فصل :

226 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي عمرو ، قال : وجدت في كتاب جدي أبي عبد الله ، قال : أنا عمر بن محمد بن سليمان ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام ، ثنا أبي ، ثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ح ، قال أبو عبد الله : وأنا الحسين بن إسماعيل إجازة ، ثنا عبد الله بن عبد الله المدني ، ثنا محمد بن مسلمة بن هشام المخزومي جميعا ، عن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - ، عن أبيه - رضي الله عنه - ، قال : خرجت أنا وأمية بن الصلت تاجرين إلى الشام ، فمررنا بقرية من قرى الشام فيها نصارى ، فلما رأوا أمية بن أبي الصلت أعظموه ، وأكرموه ، وأرادوه على أن ينطلق معهم ، فقال أمية : يا أبا سفيان ، انطلق معي ، فإنك تمضي إلى رجل قد انتهى إليه علم النصرانية ، فقلت : ليس أنطلق معك ، قال : ولم ؟ قلت : إني أخاف أن يحدثني ، فيفسد علي قلبي ، فذهب معهم ، ثم عاد ، فرمى بثوبه ، ولبس ثوبين له أسودين وانطلق ، فوالله ما جاء حتى ذهب هدة من الليل ، فجاء ، فدخل فراشه ، فما نام حتى أصبح ، فقال : ألا ترحل بنا ؟ قلت : وفيك من رحيل ؟ قال : نعم ، فقال : أي صخر ، قلت : أبا عثمان ، قال : أي أهل مكة أشرف ؟ قلت : عتبة بن ربيعة ، فقال : أي أهل مكة أكثر مالا ، وأكبر سنا ؟ فقلت : عتبة بن ربيعة ، فقال : تكتم علي ما أحدثك به ؟ قلت : نعم ، قال : حدثني هذا الرجل الذي [ ص: 177 ] انتهى إليه علم أهل الكتاب أن نبيا مبعوث ، وظننت أني أنا هو ، فقال : ليس منكم ، هو من أهل مكة ، قلت : ما سنه ؟ قال : هو حين دخل في الكهولة ، قلت : ما ماله ؟ قال : هو محوج ، قلت : فما نسبته ؟ قال : هو وسط من قومه ، فالذي رأيت مني من الهم بما صرف عني ، قال : وقال لي : وذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى ابن مريم - عليه السلام - ثمانين رجفة ، وبقيت رجفة يدخل على أهل الشام فيها شر ، ومصيبة ، فلما صرنا قريبا من مكة إذا راكب قلنا : من أين ؟ قال : من الشام ، قلنا : هل من حدث ؟ قال : نعم ، رجفت الشام رجفة دخل على أهل الشام فيها شر ، ومصيبة ، قال : ثم خرجت في رحلة اليمن ، ثم قدمت ، فاستأذنت على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فرحب بي ، وسألني ، ولم يسألني عن بضاعته ، فلما خرج ، قلت لهند : يا هند ، إن هذا الشاب ليزداد عندي ، دخل علي ، فرحب بي ، وسألني ، ولم يسألني عن بضاعته كما سألني غيره من قومه ، قالت : وما بلغك ما كان قلت ، وما كان ؟ قالت : إنه قد تنبأ ، قلت : هو أعقل من ذاك ، قالت : قد كان ذاك ، وجمع إليه ناسا من قومه ، فوجمت ، وذكرت الذي قال الرجل ، فقالت هند : ما لك ؟ قلت : خير ، فخرجت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ، فقلت : خذ بضاعتك ، فقال : خذ مني ما تأخذ من غيري ، قال : قلت : ما أنا بآخذ منك شيئا ، قال : ما أنا بآخذها حتى تأخذ مني ما تأخذ من غيري ، قال : فلم يأخذها حتى أخذت منه كما أخذت من غيره ، ثم خرجت إلى اليمن ، فنزلت على أمية بن أبي الصلت ، فوالله إني لأتغدى معه إذ قلت له : أبا عثمان ، إن كان أمر من الرجل الذي قال لك الذي انتهى إليه علم أهل الكتاب ، فما رأيك ؟ قال : رأيي والله أن أبلي فيه إلى الله - عز وجل - عذرا ، قال : فقدمت اليمن واستنار أمره ، فلما رجعت نزلت على أمية بن أبي الصلت ، فقلت : أبا عثمان ، إن ذلك لأمر قد استنار ، وظهر ، فما رأيك ؟ قال : والله لا أؤمن لنبي غير ثقفي أبدا ، ودخله الحسد ، دخله ما دخل الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية