صفحة جزء
الباب الثاني: في ذم البدع والمبتدعين

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين الشيباني ، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب ، نا أبو بكر أحمد بن حمدان ، نا أبو عبد الله بن حنبل قال: أخبرني أبي ، ثنا يزيد ، عن إبراهيم بن سعد ، أخبرني أبي ، وأخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي ، وأبو سعد البغدادي ، قالا: نا المطهر بن عبد الواحد ، نا أبو جعفر أحمد بن محمد المرزبان ، نا محمد بن إبراهيم المروزي ، ثنا لوين ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد". أخبرنا موهوب بن أحمد ، نا علي بن أحمد البسري ، ثنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، ثنا عبد الله بن محمد البغوي ، ثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي ، وإسحاق بن إبراهيم المروزي ، قالا: ثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". قال البغوي: وحدثنا عبد الأعلى بن حماد ، ثنا عبد العزيز ، عن عبد الواحد بن أبي عون ، عن سعد بن إبراهيم ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فعل أمرا ليس عليه أمرنا فهو رد". أخرجاه في الصحيحين. أخبرنا هبة الله بن محمد ، نا الحسن بن علي ، نا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنى أبي ، ثنا هشيم ، عن حصين بن عبد الرحمن ، ومغيرة الضبي ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رغب [ ص: 14 ] عن سنتي فليس مني". انفرد بإخراجه البخاري. أخبرنا ابن الحصين ، نا ابن المذهب ، نا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله ابن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد بن معدان ، حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر ، قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه: ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ) فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال عرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا، فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعيش بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. أخبرنا ابن الحصين ، نا ابن المذهب ، نا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنى أبي ، ثنا عبد الله بن الوليد ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض، وليختلجن رجال دوني، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". أخرجاه في الصحيحين. أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، نا أحمد بن محمد ، نا أبو نعيم ، ثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله بن محرز قال: يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة. أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، نا عمر بن عبد الله البقال ، نا أبو الحسين بن بشران ، ثنا عثمان بن أحمد الدقاق ، ثنا حنبل قال، حدثني أبو عبد الله، يعني أحمد بن حنبل ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر قال: كان طاوس جالسا وعنده ابنه، فجاء رجل من المعتزلة، فتكلم في شيء، فأدخل طاوس أصبعيه في أذنيه وقال: يا بني، أدخل أصبعك في أذنيك حتى لا تسمع من قوله شيئا، فإن هذا القلب ضعيف، ثم قال: أي بني، اسدد - فما زال يقول: اسدد حتى قام الآخر. قال حنبل: وحدثنا محمد بن داود ، ثنا عيسى بن علي الضبي قال: كان رجل معنا يختلف إلى إبراهيم ، فبلغ إبراهيم أنه قد دخل في الإرجاء، فقال له إبراهيم: إذا قمت من [ ص: 15 ] عندنا فلا تعد. قال حنبل: وحدثنا محمد بن داود الحدائي قال: قلت لسفيان بن عيينة: إن هذا يتكلم في القدر - يعني إبراهيم بن أبي يحيى ، فقال سفيان: عرفوا الناس أمره وسلوا الله لي العافية. قال حنبل: وحدثنا سعدويه ، ثنا صالح المري قال: دخل رجل على ابن سيرين وأنا شاهد، ففتح بابا من أبواب القدر، فتكلم فيه، فقال ابن سيرين: إما أن تقوم، وإما أن نقوم. أخبرنا المحمدان ابن ناصر ، وابن عبد الباقي قالا: نا أحمد بن أحمد ، نا أبو نعيم الحافظ ، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر بن راشد ، ثنا إبراهيم بن سعيد بن عامر ، عن سلام بن أبي مطيع قال: قال رجل من أهل الأهواء لأيوب: أكلمك بكلمة؟ قال: لا، ولا نصف كلمة. قال ابن راشد: وحدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا يحيى بن يمان ، عن مخلد بن حسين ، عن هشام بن حسان ، عن أيوب السختياني قال: ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله عز وجل بعدا. أخبرنا أبو البركات بن علي البزاز ، نا الطريثيثي ، نا هبة الله بن الحصين ، نا عيسى بن علي ، نا البغوي ، نا أبو سعيد الأشج ، نا يحيى بن اليمان قال: سمعت سفيان الثوري قال: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية المعصية يثاب منها والبدعة لا يثاب منها. أخبرنا ابن أبي القاسم ، نا أحمد بن أحمد ، نا أبو نعيم الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا محمود بن غيلان ، ثنا مؤمل بن إسماعيل قال مات عبد العزيز بن أبي داود وكنت في جنازته حتى وضع عند باب الصفا فصف الناس وجاء الثوري ، فقال الناس: جاء الثوري ، فجاء حتى خرق الصفوف والناس ينظرون إليه فجاوز الجنازة، ولم يصل عليه لأنه كان يرمى بالإرجاء. أخبرنا المبارك بن أحمد الأنصاري ، نا عبد الله بن أحمد السمرقندي ، نا أحمد بن أحمد بن روح النهرواني ، ثنا طلحة بن أحمد الصوفي ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي مهزول قال: سمعت أحمد بن عبد الله يقول: سمعت شعيب بن حرب يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: من سمع من مبتدع لم ينفعه الله بما سمع، ومن صافحه فقد نقض الإسلام عروة عروة. أخبرنا محمد بن ناصر ، نا أحمد بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، ثنا إسماعيل بن أحمد ، نا عبد الله بن محمد ، ثنا سعيد الكريري قال: مرض سليمان التيمي فبكى في مرضه بكاء شديدا فقيل له: ما يبكيك؟ أتجزع من الموت؟ قال: لا، [ ص: 16 ] ولكني مررت على قدري فسلمت عليه فأخاف أن يحاسبني ربي عليه. أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، ويحيى بن علي قالا: أخبرنا أبو محمد الصريفيني ، نا أبو بكر بن عبدان ، نا محمد بن الحسين البائع ، ثنى أبي ، ثنا محمد بن بكر قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: من جلس إلى صاحب بدعة فاحذروه. أخبرنا ابن عبد الباقي ، نا أحمد بن أحمد ، نا أبو نعيم ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن النضر ، ثنا عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه. أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، نا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الصمد قال: سمعت الفضيل يقول: إذا رأيت مبتدعا في طريق فخذ في طريق آخر، ولا يرفع لصاحب البدعة إلى الله عز وجل عمل، ومن أعان صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام، وسمعت رجلا يقول للفضيل: من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها، فقال له الفضيل: من زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله عز وجل من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له سيئاته.

قال المصنف: وقد روي بعض هذا الكلام مرفوعا. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام". وقال محمد بن النضر الحارثي: من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه. وقال إبراهيم: سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله القابني يقول: سمعت علي بن عيسى يقول: سمعت محمد بن إسحاق يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال صاحبنا - يعني الليث بن سعد - : لو رأيت صاحب بدعة يمشي على الماء ما قبلته، فقال الشافعي: إنه ما قصر لو رأيته يمشي على الهواء ما قبلته. وعن بشر بن الحارث أنه قال: جاء موت هذا الذي يقال له المريسي وأنا في السوق، فلولا أن الموضع ليس موضع سجود لسجدت شكرا، الحمد لله الذي أماته. هكذا قولوا.

[ ص: 17 ] قال المصنف: حدثت عن أبي بكر الخلال ، عن المروزي ، عن محمد بن سهل البخاري قال: كنا عند القرباني ، فجعل يذكر أهل البدع، فقال له رجل: لو حدثتنا كان أعجب إلينا، فغضب، وقال: كلامي في أهل البدع أحب إلي من عبادة ستين سنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية