صفحة جزء
[فصل]

قال الشيخ أبو الفرج رحمه الله: قد بينا أن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة، وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا ما لم يكن، وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة، ولا يتعاطى عليها، فلم يروا بفعلها بأسا. كما روي أن الناس كانوا يصلون في رمضان وحدانا، وكان الرجل يصلي، فيصلي بصلاته الجماعة، فجمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب رضي الله عنهما، فلما خرج فرآهم قال: نعمت البدعة هذه، لأن صلاة الجماعة مشروعة، وإنما قال الحسن في القصص: نعمت البدعة، كم من أخ يستفاد، ودعوة مستجابة، لأن الوعظ مشروع، ومتى أسند المحدث إلى أصل مشروع لم يذم، فأما إذا كانت البدعة كالمتمم، فقد اعتقد نقص الشريعة، وإن كانت مضادة فهي أعظم، فقد بان بما ذكرنا أن أهل السنة هم المتبعون، وأن أهل البدعة هم المظهرون شيئا لم يكن قبل، ولا مستند له، ولهذا استتروا ببدعتهم، ولم يكتم أهل السنة مذهبهم، فكلمتهم ظاهرة، ومذهبهم مشهور، والعاقبة لهم. أخبرنا هبة الله بن محمد ، نا الحسن بن علي التميمي ، نا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنى أبي ، ثنا يعلى بن عبيد ، ثنا إسماعيل ، عن قيس ، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون". في الصحيحين: أخبرنا هبة الله الحسن بن علي ، نا ابن ملك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنى أبي ، قال: ثنا يوسف ، ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". انفرد به مسلم ، وقد روى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم معاوية ، وجابر بن عبد الله ، وقرة. أخبرنا الكروخي ، نا النورجي ، والأزدي ، قالا: نا الحراجي ، ثنا المحبوبي ، ثنا الترمذي قال: قال محمد بن إسماعيل ، قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.

التالي السابق


الخدمات العلمية