صفحة جزء
ذكر الحث على مجانبة الغضب وكراهية العجلة

أنبأنا عمر بن حفص البزار بحنديسابور، حدثنا محمد بن زياد الزيادي ، حدثنا الفضيل بن عياض ، عن سليمان ، عن أبي صالح عن أبي هريرة أن جابرا قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني شيئا يا رسول الله أدخل به الجنة، ولا تكثر علي، لعلي أعقل، قال: لا تغضب ".

قال أبو حاتم رضي الله عنه: أحسن الناس عقلا من لم يحرد، وأحضر الناس جوابا من لم يغضب.

وسرعة الغضب: أنكى في العاقل من النار في يبس العوسج; لأن من غضب زايله عقله، فقال: ما سولت له نفسه، وعمل ما شانه وأرداه.

ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقدي ، حدثنا إسحاق بن زكريا البناني ، حدثنا عبد الصمد بن حسان ، حدثني وهيب قال: مكتوب في الإنجيل: ابن آدم، اذكرني حين تغضب، أذكرك حين أغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق; وإذا ظلمت فلا تنتصر، فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك.

[ ص: 139 ] وأنشدني الكريزي :


ولم أر فضلا تم إلا بشيمة ولم أر عقلا صح إلا على الأدب     ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم
عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب



قال أبو حاتم رضي الله عنه: سرعة الغضب من شيم الحمقى، كما أن مجانبته من ري العقلاء.

والغضب بذر الندم، فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب.

ولقد أنبأنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثنا حاتم بن الليث الجوهري ، حدثنا بكار بن محمد قال: كان ابن عون لا يغضب، فإذا أغضبه إنسان قال: بارك الله فيك!.

وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي :


لم يأكل الناس شيئا من مآكلهم     أحلى وأحمد عقباه من الغضب
ولا تلحف إنسان بملحفة     أبهى وأزين من دين ومن أدب



التالي السابق


الخدمات العلمية