صفحة جزء
أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي بقراءتي عليه قلت له: أخبركم الشيخان أبو عبد الله محمد بن نصر بن عبد الرحمن بن محمد بن محفوظ القرشي، والأمير سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري قراءة عليهما وأنت حاضر في الرابعة، قالا: أخبرنا الفقيه أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا المشائخ أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن الفتح بن [ ص: 83 ] علي الفقيه ، وأبو الفرج غيث بن علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر بن الأرمنازي الصوري الخطيب ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس الوكيل بدمشق، قالوا: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل الخرائطي ، حدثنا علي بن حرب ، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلي، قال: حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه - وأتت له خمسون ومائة سنة - قال: لما كان ليلة ولد رسول الله [ ص: 84 ] صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك فصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم، ولبس تاجه وجلس على سريره، ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيما بعثت إليكم؟ قالوا: لا إلا أن يخبرنا الملك. فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران، فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم ما رأى وما هاله. فقال الموبذان : وأنا - أصلح الله الملك - قد رأيت في هذه الليلة رؤيا، ثم قص عليه رؤياه في الإبل. فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ قال: حدث يكون في ناحية العرب - وكان أعلمهم في أنفسهم - فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد: فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني، فلما ورد عليه قال له: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرني الملك أو ليسألني عما أحب فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه. فأخبره بالذي وجه إليه فيه. قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح. قال: فأته فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره. فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، فسلم عليه وكلمه فلم يرد عليه سطيح جوابا، ثم أنشأ يقول: أصم أم يسمع غطريف اليمن؟. في أبيات ذكرها.

قال: فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه يقول: عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان [ ص: 85 ] وخمود النيران ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، يا عبد المسيح! إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة ، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت، ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:


شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير     إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم
فإن ذا الدهر أطوار دهارير     فربما ربما أضحوا بمنزلة
تهاب صولهم الأسد المهاصير     منهم أخو الصرح بهرام وإخوته
والهرمزان وسابور وسابور     والناس أولاد علات فمن علموا
أن قد أقل فمحقور ومهجور     وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا
فذاك بالغيب محفوظ ومنصور     والخير والشر مقرونان في قرن
فالخير متبع والشر محذور

فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح فقال كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور. فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه.

قال ابن إسحاق: فلما وضعته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب: أنه قد ولد لك غلام فانظر إليه، فأتاه ونظر إليه، وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه، فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويتشكر له ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها.

[ ص: 86 ] وولد صلى الله عليه وسلم معذورا مسرورا، أي مختونا مقطوع السرة، ووقع إلى الأرض مقبوضة أصابع يده مشيرا بالسباحة كالمسبح بها، حكاه السهيلي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم الدمشقي بقراءتي عليه بعربيل قرية بغوطة دمشق - أخبركم أبو القاسم بن الحرستاني قراءة عليه وأنت حاضر في الرابعة فأقر به، أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن علي بن مسلم السلمي ، أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب ، حدثنا ابن جميع ، حدثنا عمر بن موسى بالمصيصة، حدثنا جعفر بن عبد الواحد قال: قال لنا صفوان بن هبيرة ، ومحمد بن البرساني ، عن ابن جريج [ ص: 87 ] عن عطاء عن ابن عباس قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا مختونا.

[ ص: 88 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية