صفحة جزء
قال ابن سعد: ودفن عبد الله بن عمرو بن حرام ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، ودفن خارجة بن زيد ، وسعد بن الربيع في قبر واحد، ودفن النعمان بن مالك ، وعبدة بن الحسحاس في قبر واحد، وكان الناس أو عامتهم قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم في نواحيها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ردوا القتلى إلى مضاجعهم، فأدرك المنادي رجلا واحدا لم يكن دفن فرد، وهو شماس بن عثمان المخزومي، وسيأتي لوفاة شماس ذكر في أشعار أحد إن شاء الله تعالى. وأما أبو عمر فقال يومئذ: احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة ، فردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدفنوا حيث قتلوا.

قال الواقدي: وولي رسول الله صلى الله عليه وسلم تركة عبد الله بن جحش، واشترى لابنه مالا بخيبر ، [ ص: 33 ] وعبد الله لأميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أشرف على القتلى: "أنا شهيد على هؤلاء، وما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه، اللون لون دم والريح ريح مسك.

روينا عن أبي بكر الشافعي بالإسناد المذكور آنفا: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل ، حدثنا قطن ، حدثنا حفص ، حدثنا إبراهيم ، عن عباد بن إسحاق ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة، أنه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقتلى أحد: "زملوهم بجراحهم، إنه ليس مكلوم يكلم في الله تعالى إلا وهو يأتي يوم القيامة، لونه لون دم وريحه ريح مسك.

وكذلك رواه محمد بن مصعب ، عن الأوزاعي ، عن الزهري، وغيره يخالفه. قال الدارقطني: الصواب رواية الليث، ومن وافقه.

ورووه عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، عن جابر، ويومئذ قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "ارم فداك أبي وأمي" .

قرئ على عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى الموصلي وأنا أسمع: أخبركم أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرصافي قراءة عليه وأنت حاضر في الخامسة، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن شداد ، عن علي قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه إلا سعد بن مالك، فإني [ ص: 34 ] سمعته يقول له يوم أحد: "ارم سعد، فداك أبي وأمي".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهداء: "انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن، فاجعلوه إمام أصحابه في القبر" وكانوا يدفنون الثلاثة والاثنين في القبر.

وقال ابن سعد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادفنوا عبد الله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد"، لما كان بينهما من الصفاء، قال: فحفر عنهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في وجهه، فيده على جرحه، فأميطت يده عن وجهه، فانبعث الدم، فردت يده إلى مكانها فسكن الدم.

وقال: أخبرنا عمرو بن الهيثم أبو قطن،قال ، حدثنا هشام الدستوائي ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين، فأخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم، تنثني أطرافهم.

قرئ على الحرة الأصيلة، أم محمد شامية، بنت الحافظ صدر الدين أبي علي الحسن بن محمد بن محمد بن البكري، وأنا أسمع بالقاهرة، سنة ثمان وسبعين وستمائة، أخبرك الشيخ أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد الدارقزي قراءة عليه وأنت تسمعين فأقرت به، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البنا قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن خلف بن الفراء قراءة عليه وأنا أسمع، أخبرنا أبو الحسن علي بن [ ص: 35 ] معروف بن محمد البزاز قراءة عليه في رجب سنة ست وثمانين وثلاثمائة، أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي ، حدثنا خلاد بن أسلم قال: أخبرني النضر بن شميل ، حدثنا شعبة ، حدثنا محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابرا قال: قتل أبي يوم أحد، فجئت إليه وقد مثل به، وهو مغطى الوجه، فكشفت عن وجهه، وجعلت أبكي، وجعل الناس ينهوني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني، وجعلت فاطمة بنت عمر وعمتي تبكيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبكيه، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه" .

التالي السابق


الخدمات العلمية