صفحة جزء
غزوة خيبر

قال ابن إسحاق: وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، وخرج في بقية منه غازيا إلى خيبر، ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام. واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي فيما قاله ابن هشام .

وقال موسى بن عقبة: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، منصرفه من الحديبية، مكث عشرين يوما أو قريبا منها، ثم خرج غازيا إلى خيبر، وكان الله وعده إياها وهو بالحديبية.

قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي ، عن أبي الهيثم بن نصر الأسلمي; أن أباه حدثه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع - وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع; وكان اسم ابن الأكوع سنانا - : "انزل يا ابن الأكوع فخذ لنا من هناتك". قال: فنزل يرتجز:

والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا     إنا إذا قوم بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبينا     فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحمك ربك. فقال عمر بن الخطاب: وجبت والله يا رسول الله، لو أمتعتنا به. فقتل يوم خيبر شهيدا، وكان قتله فيما بلغني، أن سيفه رجع عليه، وهو يقاتل، فكلمه كلما شديدا، فمات منه، فكان المسلمون قد شكوا فيه وقالوا: ما قتله إلا سلاحه، حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمر بن الأكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأخبره بقول الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لشهيد، وصلى عليه المسلمون.


وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن أبي مغيث بن [ ص: 182 ] عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر، قال لأصحابه وأنا فيهم:

قفوا. ثم قال: اللهم رب السماوات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك من خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، أقدموا بسم الله. قال: وكان يقولها لكل قرية دخلها.


وحدثني من لا أتهم: عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فنزلنا خيبر ليلا، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا، فركب وركبنا معه، وركبت خلف أبي طلحة، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقبلنا عمال خيبر غادين، وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش، قالوا: محمد والخميس معه ، فأدبروا هرابا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين. حدثنا هارون ، عن حميد ، عن أنس بمثله.

التالي السابق


الخدمات العلمية