صفحة جزء
قدوم ضمام بن ثعلبة

قرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بسفح قاسيون ، أخبركم أبو اليمن الكندي قراءة عليه وأنتم تسمعون ، سنة سبع وستمائة ، وأبو محمد عبد العزيز بن الأخضر إجازة من بغداد ، قالا : أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن السمرقندي سماعا ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن الجراح الوزير قراءة عليه وأنا أسمع ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي ، حدثني أبو عمارة حمزة بن الحارث بن عمير - وهو أبو عمير - قال : سمعت أبي يذكر عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه ، قال : بينما النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مع أصحابه متكئا - أو قال جالسا - جاءهم رجل من أهل البادية فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ قالوا : هذا الأمغر المرتفق - قال حمزة : الأمغر : الأبيض مشرب حمرة ، والمرتفق : مثل المتكئ - قال : فدنا منه وقال : إني سائلك فمشدد عليك في المسألة ، فقال : "سل عما بدا لك" ، فقال : أنشدك برب من قبلك ورب من بعدك ، آلله أرسلك ؟ قال : "اللهم نعم" ، قال : وأنشدك بالله ، آلله أمرك أن تصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة ؟ قال : "اللهم نعم" ، قال : وأنشدك بالله ، آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا ؟ قال : "اللهم نعم" ، قال : وأنشدك بالله ، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرا ؟ قال : "اللهم نعم" ، قال : فأنشدك بالله ، آلله أمرك أن يحج هذا البيت من [ ص: 314 ] استطاع إليه سبيلا ؟ قال : "اللهم نعم" ، قال : فإني قد آمنت وصدقت ، وأنا ضمام بن ثعلبة ، وأما هذه الهناة فوالله إن كنا لنتنزه عنها في الجاهلية . - قال حمزة : فسمعت أبي يقول : الهناة : الفواحش - قال : فلما أن ولى قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "فقه الرجل" .

قال : فكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يقول : ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة .


وذكر ابن إسحاق هذا الخبر وقال فيه : إن ضماما قال لقومه عندما رجع إليهم : إن الله قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه . قال : فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما . قال : يقول عبد الله بن عباس : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة . ذكره عن محمد بن الوليد بن نويفع ، عن كريب ، عن ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية