صفحة جزء
سرية علي بن أبي طالب ، رضي الله تعالى عنه ، إلى اليمن

قال ابن سعد : يقال مرتين : إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره ، صلى الله عليه وسلم ، وعقد له لواء وعممه بيده ، وقال : "امض ولا تلتفت ، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك" . فخرج في ثلاثمائة فارس ، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد ، وهي بلاد مذحج ، ففرق أصحابه ، فأتوا بنهب غنائم وأطفال ونساء ونعم وشاء وغير ذلك ، وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي ، فجمع إليه ما أصابوا ، ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ، ورموا بالنبل والحجارة ، فصف أصحابه ، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان الأسلمي ، ثم حمل عليهم علي بأصحابه ، فقتل منهم عشرين رجلا ، فتفرقوا وانهزموا ، فكف عن طلبهم ، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا ، وتابعه نفر من رؤسائهم على الإسلام ، وقالوا : نحن على من وراءنا من قومنا ، وهذه صدقاتنا ، فخذ منها حق الله ، وجمع علي الغنائم ، فجزأها على خمسة أجزاء ، فكتب في سهم منها لله ، وأقرع عليها ، فخرج أول السهام سهم الخمس ، وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ، ثم قفل فوافى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بمكة، وقد قدمها للحج سنة عشر .

قال الرشاطي : وفي الحديث أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعث علي بن أبي طالب في سرية إلى اليمن، وذلك في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة ، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد ، وكتب بذلك إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما قرأ كتابه خر لله ساجدا ، ثم جلس فقال : "السلام على همدان" . وتتابع أهل اليمن على الإسلام . انتهى كلام الرشاطي . ويشبه أن تكون هذه هي السرية الأولى ، وما في الأصل هو السرية الثانية ، والله أعلم .

*** [ ص: 359 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية