صفحة جزء
الواقدي:

وأما الواقدي فهو محمد بن عمر بن واقد، أبو عبد الله المديني. سمع ابن أبي ذئب ، ومعمر بن راشد ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ، ومحمد بن عجلان ، وربيعة بن عثمان ، وابن جريج ، وأسامة بن زيد ، وعبد الحميد بن جعفر ، والثوري ، وأبا معشر، وجماعة. روى عنه كاتبه محمد بن سعد ، وأبو حسان الزيادي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، وأحمد بن الخليل البرجلاني ، وعبد الله بن الحسين الهاشمي ، وأحمد بن عبيد بن ناصح ، ومحمد بن شجاع الثلجي ، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم.

ذكره الخطيب أبو بكر، وقال: هو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره، ولم يخف [ ص: 68 ] على أحد عرف أخبار الناس أمره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم والأحداث التي كانت في وقته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث، وغير ذلك. وكان جوادا كريما مشهورا بالسخاء.

وقال ابن سعد: محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي، كان من أهل المدينة، قدم بغداد في سنة ثمانين ومائة في دين لحقه، فلم يزل بها، وخرج إلى الشام والرقة، ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان، فولاه القضاء بعسكر المهدي، فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين، ودفن يوم الثلاثاء في مقابر الخيزران، وهو ابن ثمان وسبعين سنة وذكر أنه ولد سنة ثلاثين ومائة في آخر خلافة مروان بن محمد. وكان عالما بالمغازي واختلاف الناس وأحاديثهم.

الكلام فيه جرحا وتعديلا:

وقال محمد بن خلاد سمعت محمد بن سلام الجمحي يقول: محمد بن عمر الواقدي عالم دهره.

وقال إبراهيم الحربي: الواقدي آمن الناس على أهل الإسلام.

وقال الحربي أيضا: كان الواقدي أعلم الناس بأمر الإسلام، فأما الجاهلية فلم يعمل فيها شيئا.

وقال يعقوب بن شيبة: لما انتقل الواقدي من الجانب الغربي إلى ها هنا يقال إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر. وقيل: كانت كتبه ستمائة قمطر.

وقال محمد بن جرير الطبري: قال ابن سعد: كان الواقدي يقول: ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كتبي. وروى عنه غيره قال: ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا سألته: هل سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل؟ فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع فأعاينه، ولقد مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها، وما علمت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه أو نحو هذا الكلام، وقال ابن منيع: سمعت هارون الفروي يقول: رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة، فقلت: أين تريد؟ قال: أريد [ ص: 69 ] أن أمضي إلى حنين حتى أرى الموضع والوقعة، وقال إبراهيم الحربي: سمعت المسيبي يقول: رأيت الواقدي يوما جالسا إلى أسطوانة في مسجد المدينة وهو يدرس، فقلنا له: أي شيء تدرس؟ فقال: حزبي من المغازي.

التالي السابق


الخدمات العلمية