صفحة جزء
12 - فصل .

ولا جزية على فقير عاجز عن أدائها : هذا قول الجمهور .

وللشافعي ثلاثة أقوال هذا أحدها .

والثاني : يجب عليه ، وعلى هذا قولان :

أحدهما : أنه يخرج من بلاد الإسلام ، أو لا سبيل إلى إقامته في دار الإسلام بغير جزية .

[ ص: 160 ] والثاني : تستقر في ذمته وتؤخذ منه إذا قدر عليها .

والصحيح أنها لا تجب على عاجز عنها ، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وإنما فرضها عمر رضي الله عنه على الفقير المعتمل لأنه يتمكن من أدائها بالكسب ، وقواعد الشريعة كلها تقتضي ألا تجب على عاجز كالزكاة والدية والكفارة والخراج و لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ، ولا واجب مع عجز ولا حرام مع ضرورة .

فإن قيل : نحن لا نكلفه بها في حال إعساره بل تستقر دينا في ذمته ، فمتى أيسر طولب بها لما مضى كسائر الديون ، قيل : هذا معقول في ديون الآدميين ، وأما حقوق الله تعالى فإنه إنما أوجبها على القادرين دون العاجزين .

فإن قيل : الجزية أجرة عن سكنى الدار فتستقر في الذمة ، قيل : انتفاء أحكام الإجارة عنها جميعها يدل على أنها ليست بأجرة ، فلا يعرف حكم من أحكام الإجارة في الجزية ، وقد تقدم أن عمر رضي الله عنه أجرى على السائل الذمي رزقه من بيت المال ، فكيف يكلف أداء الجزية وهو يرزق من بيت مال المسلمين ؟ !

التالي السابق


الخدمات العلمية