صفحة جزء
183 - فصل

قال أبو عمر : وأما اختلاف العلماء في الفطرة المذكورة في هذا الحديث وما كان مثله ، فقالت فرقة : الفطرة في هذا الموضع أريد بها الخلقة التي خلق عليها المولود من المعرفة بربه ، فكأنه قال : كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة ، يريد أن خلقه مخالف لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفة .

قالوا : لأن الفاطر هو الخالق ، قال : وأنكرت أن يكون المولود يفطر على إيمان ، أو كفر ، أو معرفة ، أو إنكار .

قال شيخنا : صاحب هذا القول إن أراد بالفطرة التمكن من المعرفة ، والقدرة عليها فهذا ضعيف ، فإن مجرد القدرة على ذلك لا يقتضي أن يكون حنيفا ، ولا أن يكون على الملة .

ولا يحتاج أن يذكر تغيير أبويه لفطرته حتى يسأل عمن مات صغيرا ، ولأن القدرة في الكبير أكمل منها في الصغير ، وهو لما نهاهم عن قتل [ ص: 1022 ] الصبيان فقالوا : إنهم أولاد المشركين قال : " أوليس خياركم أولاد المشركين ؟ ما من مولود إلا يولد على الفطرة " ، ولو أريد القدرة لكان البالغون كذلك مع كونهم مشركين مستوجبين للقتل .

وإن أراد بالفطرة القدرة على المعرفة مع إرادتها ، فالقدرة الكاملة مع الإرادة التامة تستلزم وجود المراد المقدور ، فإذا فطروا على القدرة على المعرفة ، وإرادتها كان ذلك مستلزما للإيمان ، ولم يتخلف موجبه ومقتضاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية