صفحة جزء
198 - فصل

واحتجوا أيضا على أنهم في الجنة بما رواه يعقوب بن عبد الرحمن القارئ ، عن أبي حازم

[ المدني ] ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سألت ربي اللاهين من ذرية البشر ألا يعذبهم ، فأعطانيهم فهم خدم أهل الجنة " .

[ ص: 1123 ] وبحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : سألت خديجة - رضي الله عنها - النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين ، فقال : " هم مع آبائهم " ، ثم سألته بعد ذلك ، فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ، ثم سألته بعد ذلك ، فنزلت : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، فقال : " هم على الفطرة " أو قال : " هم في الجنة " ، ذكره أبو عمر في " الاستذكار " ، ولم يذكر له إسنادا ، فينظر في إسناده .

[ ص: 1124 ] ثم قال : وآثار هذا الباب معارضة لحديث " الوائدة والموءودة في النار " وما كان مثله ، وإذا تعارضت الآثار وجب سقوط الحكم بها ، ورجعنا إلى الأصل : وهو أنه لا يعذب الله أحدا إلا بذنب ، لقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، وقوله : ( ألم يأتكم رسل منكم ) ، وآي القرآن كثير في هذا المعنى .

على أني أقول : إن الله ليس بظلام للعبيد ، ولو عذبهم لم يكن ظالما لهم ، ولكن جل من تسمى بالغفور الرحيم الرءوف الحليم أن يكون من صفته إلا حقيقة " لا إله إلا هو ، لا يسأل عما يفعل " .

قلت : وآثار هذا الباب الصحيحة ليس فيها بحمد الله تعارض ، وحديث " الوائدة والموءودة في النار " قد تقدم الجواب عنه .

ومعارضة الأحاديث الباطلة للأحاديث الصحيحة لا توجب سقوط الحكم بالصحيحة ، والأحاديث الصحيحة يصدق بعضها بعضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية