صفحة جزء
[ ص: 1245 ] 228 - فصل

[ حكم حضور أعياد أهل الكتاب ]

وكما أنهم لا يجوز لهم إظهاره فلا يجوز للمسلمين ممالاتهم عليه ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله .

وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم ، فقال أبو القاسم هبة الله بن [ الحسن ] بن منصور الطبري الفقيه الشافعي : ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم ؛ لأنهم على منكر وزور ، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له ، فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع ، نعوذ بالله من سخطه .

ثم ساق من طريق ابن أبي حاتم : حدثنا الأشج ، ثنا عبد الله بن أبي بكر ، عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة : ( والذين لا يشهدون الزور ) قال : لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ، ونحوه عن الضحاك .

[ ص: 1246 ] ثم ذكر حديث عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا على هؤلاء الملعونين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم " . والحديث في الصحيح .

وذكر البيهقي بإسناد صحيح في ( باب كراهية الدخول على أهل [ ص: 1247 ] الذمة في كنائسهم ، والتشبه بهم يوم [ نيروزهم ] ومهرجانهم ) عن سفيان الثوري ، عن ثور بن يزيد ، عن عطاء بن دينار قال : قال عمر رضي الله عنه : " لا تعلموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم ، فإن السخطة تنزل عليهم " .

وبالإسناد عن الثوري ، عن عوف ، عن الوليد - أو أبي الوليد - عن عبد الله بن عمرو فقال : " من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة " .

وقال البخاري في غير " الصحيح " : قال لي ابن أبي مريم : حدثنا نافع بن يزيد سمع [ سليمان ] بن أبي زينب [ وعمرو ] بن الحارث سمع سعيد بن سلمة ، سمع أباه ، سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " اجتنبوا أعداء الله في عيدهم " ذكره البيهقي .

[ ص: 1248 ] وذكر بإسناد صحيح عن أبي أسامة : حدثنا عوف ، عن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن عمرو قال : " من مر ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك ، حشر معهم يوم القيامة " .

[ ص: 1249 ] وقال أبو الحسن الآمدي : لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود ، نص عليه أحمد في رواية مهنا ، واحتج بقوله تعالى : ( والذين لا يشهدون الزور ) قال : الشعانين وأعيادهم .

وقال الخلال في " الجامع " ( باب في كراهية خروج المسلمين في أعياد المشركين ) وذكر عن مهنا قال : سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل دير أيوب وأشباهه ، يشهده المسلمون ؟ يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الضحية والبقر والبر والدقيق وغير ذلك ، يكونون في الأسواق ولا يدخلون عليهم بيعهم .

قال : " إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس " .

وقال عبد الملك بن حبيب : " سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم ، فكره ذلك مخافة نزول السخطة عليهم بشركهم الذين اجتمعوا عليه .

[ ص: 1250 ] قال : وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له ، ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره ، ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئا من مصلحة عيدهم ، لا لحما ولا أدما ولا ثوبا ، ولا يعارون دابة ، ولا يعانون على شيء من عيدهم ؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم ، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك ، وهو قول مالك وغيره ، لم أعلمه اختلف فيه " .

هذا لفظه في " الواضحة " .

وفي كتب أصحاب أبي حنيفة : من أهدى لهم يوم عيدهم بطيخة بقصد تعظيم العيد فقد كفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية