صفحة جزء
237 - فصل

قولهم : " ولا عمامة " .

قال أبو القاسم : والعمامة يمنعون من لبسها والتعمم بها ؛ إن العمائم تيجان العرب وعزها على سائر الأمم من سواها ، ولبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده ، فهي لباس العرب قديما ، ولباس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ، فهي لباس الإسلام .

قال جابر رضي الله عنه : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء .

قال : وروى عيسى بن يونس ، عن عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، [ ص: 1268 ] عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " اعتموا تزدادوا حلما ، وقال : العمائم تيجان العرب " .

[ ص: 1269 ] وقال المغيرة بن شعبة : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح بناصيته ، وعلى العمامة والخفين .

وقال أنس : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينفض العمامة .

[ ص: 1270 ] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس " .

[ ص: 1271 ] وهذا - وإن كان إخبارا بالواقع - فإنه إرشاد إلى المشروع .

وقال معاوية ، عن ابن إسحاق ، عن صفوان بن [ عمرو ] ، عن [ الفضيل ] بن الفضالة ، عن خالد بن معدان قال : إن الله ألزم هذه الأمة بالعصائب والألوية . يريد بالعصائب العمائم كما في الحديث : " فأمرهم أن يمسحوا على [ العصائب ] والتساخين " . فالعصائب العمائم ، والتساخين الخفاف .

[ ص: 1272 ] قالوا : والعمائم ليست من زي بني إسرائيل وإنما هي من زي العرب .

وقال أبو القاسم : ولا يمكن الذمي من التعمم بها ، فإنه لا عز له في دار الإسلام ولا هي من زيه .

قلت : فلو خالفت عمائمهم عمائم المسلمين في لون أو غيره فهل يمكنون من ذلك ؟ يحتمل أن يقال بتمكينهم منها لحصول التمييز المقصود ، ويحتمل ألا يمكنوا إذ المقصود أنهم لا يلبسون هذا الجنس كما لا يركبون الخيل ولو تميزت عن خيول المسلمين ؛ لأن ركوبها عز وليسوا من أهله ، كما يمنعون من إرخاء الذوائب .

ولم أجد عن أحمد نصا في لبسهم العمائم ، ولكن قال المتأخرون من أتباعه : إنهم يشدون في أطراف عمائمهم وقلانسهم ما يخالف لونها بحمرة أو صفرة ونحوهما .

وحكوا في جواز تمكينهم من الطيالسة وجهين ، وأحد الوجهين في العمائم أولى وأحق بالمنع لما تقدم .

[ ص: 1273 ] وقال أبو الشيخ : حدثنا أحمد بن الحسين ، حدثنا الدورقي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا معمر : أن عمر بن عبد العزيز كتب " أن امنع من قبلك فلا يلبس نصراني قباء ولا ثوب خز ولا عصب ، وتقدم في ذلك أشد التقدم حتى لا يخفى على أحد نهي عنه ، وقد ذكر لي أن كثيرا ممن قبلك من النصارى قد راجعوا لبس العمائم وتركوا المناطق على أوساطهم واتخذوا الوفر والجمم ، ولعمري إن كان يصنع ذلك فيما قبلك إن ذلك بك ضعف وعجز ، فانظر كل شيء نهيت عنه وتقدمت فيه فلا ترخص فيه ولا تغير منه شيئا " .

[ ص: 1274 ] حدثنا أحمد بن الحسين ، حدثنا أحمد ، حدثنا سعيد بن سلمان ، ثنا أبو معشر ، عن محمد بن قيس وسعيد بن عبد الرحمن بن حبان قالا : دخل ناس من بني تغلب على عمر بن عبد العزيز عليهم العمائم كهيئة العرب ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، ألحقنا بالعرب . قال : فمن أنتم ؟ قالوا : نحن بنو تغلب . قال : أولستم من أوسط العرب ؟ قالوا : نحن نصارى . قال : علي بجلم ، فأخذ من نواصيهم وألقى العمائم وشق من رداء كل واحد منهم شبرا يحتزم به وقال : لا تركبوا السروج ، واركبوا الأكف ودلوا أرجلكم من شق واحد .

حدثنا خالي ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن موسى العسقلاني ، [ ص: 1275 ] حدثنا مبشر بن صفوان ، حدثنا الحكم بن عمرو الرعيني قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمصار الشام : " لا يمشي نصراني إلا مفروق الناصية ، ولا يلبس قباء ، ولا يمشي إلا بزنار من جلد ، ولا يلبس طيلسانا ، ولا يلبس سراويل ذات خدمة ، ولا يلبس نعلا ذات عذبة ، ولا يركب على سرج ، ولا يوجد في بيته سلاح إلا انتهب ، ولا يدخل الحمام يوم الجمعة يهودي ولا نصراني حتى تصلى الجمعة " .

حدثنا أبو يعلى عن ابن [ مسهر ] ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الأمصار أن : " تجز نواصيهم - يعني النصارى - ولا يلبسوا ألبسة المسلمين حتى يعرفوا " .

[ ص: 1276 ] حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا معمر أن عمر بن عبد العزيز كتب : " أما بعد ، فلا يركبن يهودي ولا نصراني على سرج وليركبن على إكاف ، ولا يركبن نساؤهم على راحلة وليكن ركوبهن على إكاف ، وتقدم في ذلك تقدما بليغا " .

[ ص: 1277 ] وقال الخلال في " الجامع " : باب ما تؤخذ به النصارى من اتخاذ الزنانير وعلى نسائهم من زيهم : أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا : حدثنا أبو الحارث قال : قال أحمد : " ينبغي أن يؤخذ أهل الذمة بالزنانير يذلون بذلك " .

ثنا يحيى بن [ جعفر بن ] عبد الله بن [ الزبرقان ] ، ثنا يحيى بن [ السكن ] ، ثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أمر عمر رضي الله عنه أن تجز نواصي أهل الذمة ، وأن يشدوا المناطق ، وأن يركبوا الأكف بالعرض .

[ ص: 1278 ] حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن عمرو بن ميمون بن مهران قال : كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أن ينهوا النصارى أن يفرقوا رءوسهم ، وتجز نواصيهم ، وأن تشد مناطقهم ، ولا يركبوا على سرج ، ولا يلبسوا عصبا ولا خزا ، وأن يمنع نساؤهم أن يركبن الرحائل ، فإن قدر على أحد منهم فعل ذلك بعد التقدم إليه فإن سكنه لمن وجده .

التالي السابق


الخدمات العلمية