صفحة جزء
[ ص: 1282 ] 239 - فصل

قولهم : " ولا في نعلين ، ولا فرق شعر " .

أي : لا نتشبه بهم في نعالهم ، بل تكون نعالهم مخالفة لنعال المسلمين ليحصل كمال التمييز وعدم المشابهة في الزي الظاهر ، ليكون ذلك أبعد من المشابهة في الزي الباطن فإن المشابهة في أحدهما تدعو إلى المشابهة في [ ص: 1283 ] الآخر بحسبها ، وهذا أمر معلوم بالمشاهدة ، فليس المقصود من الغيار [ ص: 1284 ] [ ص: 1285 ] والتمييز في اللباس وغيره مجرد تمييز الكافر عن المسلم بل هو من جملة المقاصد ، والمقصود الأعظم ترك الأسباب التي تدعو إلى موافقتهم ومشابهتهم باطنا ، والنبي صلى الله عليه وسلم سن لأمته ترك التشبه بهم بكل طريق وقال : " خالف هدينا هدي المشركين " ، وعلى هذا الأصل [ ص: 1286 ] أكثر من مائة دليل حتى شرع لها في العبادات التي يحبها الله ورسوله تجنب مشابهتهم في مجرد الصورة كالصلاة والتطوع عند طلوع الشمس وغروبها ، فعوضنا بالتنفل في وقت لا تقع الشبهة بهم فيه .

ولما كان صوم يوم عاشوراء لا يمكن [ التعويض ] عنه بغيره لفوات غير ذلك اليوم أمرنا أن نضم إليه يوما قبله ويوما بعده لتزول صورة [ ص: 1287 ] المشابهة ، ثم لما قهر المسلمون أهل الذمة وصاروا تحت قهرهم وحكمهم [ ص: 1288 ] ألزمهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بترك التشبه بالمسلمين كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بترك التشبه بهم ، فتضمن هذان الأصلان العظيمان مجانبتهم في الهدي الظاهر والباطن حتى في النعال ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بالصلاة في نعالهم مخالفة لأهل الكتاب ، ونهاهم عمر رضي الله عنه أن يلبسوا نعال المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية