صفحة جزء
240 - فصل

وكذلك قولهم : " ولا بفرق شعر " .

الأصل في هذا الباب ما ثبت في الصحيح من حديث [ الزهري ] ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم ، وكان المشركون يفرقون رءوسهم . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به ، فسدل [ ص: 1289 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم أمر بالفرق ، فكان الفرق آخر الأمرين .

والسدل في اللغة الإرسال ، ومعناه في الشعر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل شعره ، وكان أولا يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه لمصلحة التأليف وغيرها ، فكان يحب أن يفرق شعره فأمسك عنه حتى يأتيه الأمر من الله فجاءه الأمر بالفرق فصار هو السنة .

والفرق هو أن يقسم شعر الرأس نصفين بالسوية ، ويجعل ذؤابتين على زي الأشراف الذي لم تزل عليه العلويون والعباسيون .

وهذا آخر الأمرين من فعله وهو الذي استقرت عليه السنة فلا يمكن منه أهل الذمة ، بل يؤمرون بأن يرسلوا شعورهم ويسدلوها ويجمعوا شعورهم حتى تكون كاللبنة من خلفهم .

وقد وسم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من على رأسه شعر من أهل الذمة بوسم ينبغي اتباعه وهو أن تجز نواصيهم ، والناصية مقدار ربع الرأس ، فإذا كان ربعه محلوقا كان علما ظاهرا وأمرا مشهورا أنه ذمي ، وهذا معنى ما في كتاب أمير المؤمنين في الشروط : " وأن نجز مقادم رءوسنا " .

[ ص: 1290 ] قال أبو القاسم : أخبرنا علي بن عمر ، أخبرنا إسماعيل بن محمد ، حدثنا عباس الدوري ، ثنا خالد بن مخلد ، عن [ عبد الله ] بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر رضي الله عنه : أنه كان يكتب إلى عماله يأمرهم بجز نواصيهم - يعني أهل الكتاب - .

قال أبو القاسم : كذا قال خالد : " عن نافع ، عن ابن عمر " وإنما هو عن أسلم ، عن عمر ، كذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي ، عن عبد الله بن عمر العمري ، وهو الصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية