صفحة جزء
31 - فصل

[ في مناكحة وحل ذبائح نصارى العرب ]

وأما مناكحتهم وحل ذبائحهم ففيها قولان للصحابة ، وهما روايتان عن الإمام أحمد :

إحداهما : لا تحل وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه والشافعي رحمه الله وطرد الشافعي المنع في ذبائح العرب من أهل الكتاب [ ص: 223 ] كلهم .

واختلف في مأخذ هذا القول فقالت طائفة : لم يتحقق دخولهم في الدين قبل التبديل ، فلا يثبت لهم حكم أهل الكتاب ، وهذا المأخذ جار على أصل الشافعي ، وقد عرفت ما فيه .

وقالت طائفة أخرى : إنهم لم يدينوا بدين أهل الكتاب ، بل انتسبوا إليه ولم يتمسكوا به عملا ، وهذا مأخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه قال : إنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر ، وهذا المأخذ أصح وأفقه .

والقول الثاني : أنه تحل مناكحتهم وذبائحهم ، وهذا هو الصحيح عن أحمد رواه عنه الجماعة وهو آخر الروايتين عنه .

قال إبراهيم بن الحارث : وكان آخر قوله أنه لا يرى بذبائحهم بأسا .

[ ص: 224 ] وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما ، وروي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبه قال الحسن والنخعي والشعبي وعطاء الخراساني والحكم وحماد وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه .

قال الأثرم : وما علمت أحدا كرهه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عليا رضي الله عنه ، وذلك لدخولهم في عموم قوله تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ، وقوله تعالى : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، ولأنهم أهل كتاب يقرون على دينهم ببذل المال ، فتحل ذبائحهم ونساؤهم كبني إسرائيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية