صفحة جزء
48 - فصل

[ في نقل أرض الخراج إلى العشر ]

ولا يجوز أن ينقل أرض الخراج إلى العشر ، ويعطل خراجها ولا أرض العشر إلى الخراج ويعطل عشرها ، بل إذا كانت خراجية وزرعت ما يجب فيه العشر اجتمعا فيها كما تقدم ، وإذا سقي بماء الخراج أرض عشر كان المأخوذ منها عشرا ، وإذا سقي بماء العشر أرض خراج كان المأخوذ منها خراجا اعتبارا بالأرض دون الماء .

وقال أبو حنيفة : يعتبر حكم الماء فيؤخذ بماء الخراج الخراج وبماء العشر العشر ، وكأنه نظر إلى أن الماء مادة الزرع والأرض وعاء له ، فهو مستودع فيها كما لو وطئ رجل أمة غيره بريبة فأولدها ، فالولد للواطئ دون مالك الأمة ، واعتبار الأرض أولى ; لأن الخراج مأخوذ عن الأرض لا عن الماء والزرع إنما يكون في الأرض ، نحو من أخذ التراب والهواء المختص [ ص: 276 ] بها والبذر فهذه ثلاثة أجزاء يختص الأرض ، والماء جزء من أربعة .

وأما مسألة الوطء فهي حجة عليه ، فإنه لو وطئها عالما بأنها أمة الغير كان الولد لمالك الأم ، وإنما ألحق في هذه الصورة بالواطئ للسرية فإن الولد يتبع اعتقاد الواطئ شرطا ولو نزا فحل على رمكة فأولدها كان الولد لصاحب الرمكة دون صاحب الفحل بالاتفاق ، وأيضا فالماء ليس عليه خراج ولا عشر فلا يعتبر .

قال القاضي : وعلى هذا الخلاف منع أبو حنيفة صاحب الخراج أن يسقي بماء العشر ، ومنع صاحب العشر أن يسقي بماء الخراج ، ولم يمنع أحمد واحدا منهما أن يسقي بأي الماءين شاء .

وقد قال أحمد في رواية صالح : الخراج مثل الجزية على الرقبة .

وقال في رواية ابن منصور : إنما هو جزية رقبة الأرض .

فدل على أنه على رقبة فالاعتبار بها دون الماء الذي لم يوضع عليه خراج .

التالي السابق


الخدمات العلمية