صفحة جزء
49 - فصل

[ البناء في أرض الخراج هل يسقط الخراج عنها ]

وإذا بنى في أرض الخراج دورا وحوانيت كان خراجها مستحقا عليه ؛ هذا ظاهر كلام أحمد ; لأن الخراج لا يتوقف على الزرع والغرس ، [ ص: 277 ] فإنه قال في رواية يعقوب بن بختان ، وقد سأله : ترى أن يخرج الرجل عما في يده من دار أو ضيعة على ما وظف عمر رضي الله عنه على كل جريب فيتصدق به ؟ فقال : ما أجود هذا ، فقال له يعقوب : بلغني عنك أنك تعطي عن دارك الخراج فتتصدق به ، قال : نعم .

قلت : إنما كان أحمد يفعل ذلك ; لأن بغداد من أرض السواد التي وضع عليها عمر الخراج ، فلما بنيت مساكن راعى أحمد حالها الأولى التي كانت عليها من عهد عمر رضي الله عنه إلى أن صارت دورا .

قال القاضي : وقد قيل : إن ما لا يستغنى عن بنائه في مقامه في أرض الخراج لزارعها [ وفلاحها ] عفو لا خراج عليه ؛ لأنه لا يستقل فيها إلا بمسكن يسكنه ، وما بناه للكراء والتوسعة التي لا يحتاج إليها فعليه خراجه .

قلت : وهذا هو الذي استمر عليه عمل الناس قديما وحديثا ، وهو غير ما كان يفعله أحمد على أن أحمد كان يفعل ذلك احتياطا ولم يأمر به أهل بغداد عامة ، بل عد من جملة ورعه أنه كان يخرج الخراج عن داره فيتصدق به ، وغيره لم يكن يفعل ذلك ولا كان أحمد يلزم به الناس ، وقد صرح أصحاب أحمد والشافعي وغيرهم أنه لا خراج على المساكن .

التالي السابق


الخدمات العلمية