صفحة جزء
[ ص: 427 ] 81 - فصل

في عيادة أهل الكتاب .

قال المروذي : بلغني أن أبا عبد الله سئل عن رجل له قرابة نصراني : يعوده ؟ قال : نعم .

قال الأثرم : وسمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل له قرابة نصراني يعوده ؟ قال : نعم ، قيل له : نصراني ، قال : أرجو ألا تضيق العيادة .

قال الأثرم : وقلت له مرة أخرى يعود الرجل اليهود والنصارى ؟ قال : أليس عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهودي ودعاه إلى الإسلام ؟

وقال أبو مسعود الأصبهاني : سألت أحمد بن حنبل عن عيادة القرابة والجار النصراني ، قال : نعم .

وقال الفضل بن زياد : سمعت أحمد سئل عن الرجل المسلم يعود [ ص: 428 ] أحدا من المشركين ، قال : إن كان يرى أنه إذا عاده يعرض عليه الإسلام يقبل منه فليعده ، كما عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - الغلام اليهودي ، فعرض عليه الإسلام .

وقال إسحاق بن إبراهيم : سألت أبا عبد الله عن الرجل يكون له الجار النصراني فإذا مرض يعوده ؟ قال : يحيى فيقوم على الباب ويعذر إليه .

وقال مهنأ : سألت أبا عبد الله عن الرجل يعود الكافر ، فقال : إذا كان يرتجيه فلا بأس به ، ويعرض عليه الإسلام ، قلت له : وترى إذا عاده يدعوه إلى الإسلام ؟ قال : نعم .

وقال أبو داود : سمعت أحمد يسأل عن عيادة اليهودي والنصراني ، فقال : إذا كان يريد أن يدعوه إلى الإسلام نعم .

[ ص: 429 ] وقال جعفر بن محمد : سئل أبو عبد الله عن الرجل يعود شريكا له يهوديا أو نصرانيا ، قال : لا ، ولا كرامة .

فهذه ثلاث روايات منصوصات عن أحمد : المنع ، والإذن ، والتفصيل ، فإن أمكنه أن يدعوه إلى الإسلام ويرجو ذلك منه عاده .

وقد ثبت في " صحيح " البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : " الحمد لله الذي أنقذه بي من النار .

وفي " الصحيحين " عن سعيد بن المسيب أن أباه أخبره قال : لما [ ص: 430 ] حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب : " أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله " .

فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال آخر ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " فأنزل الله عز وجل : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم
.

وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عاد عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين .

[ ص: 431 ] وقال الأثرم : حدثني مصرف بن عمرو الهمداني ، ثنا يونس - يعني ابن بكير - ثنا سعيد بن ميسرة قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عاد رجلا على غير دين الإسلام لم يجلس عنده وقال : كيف أنت يا يهودي يا نصراني ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية