صفحة جزء
411 - وقال في رواية ابن القسم : نحن نقر به ونصدقه على ما جاء في الأحاديث ، وإنما يتكلم في هذا ويدفعه أهل الزيغ فقد نص أحمد على صحته والأخذ بظاهره ، والوجه فيه ما ذكرناه وقد أنكر قوم من أهل الإلحاد هذا ، وقالوا : إن جاز على ملك الموت العور; جاز عليه العمى ، وقالوا : لعل عيسى قد لطم عينه الأخرى فأعماه ، لأنه كان أشد كراهية للموت من موسى ، وذلك أنه قال : اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد فاصرفها عني قيل : هذا غلط ، لأنه ما كان يمتنع مثل ذلك في حق عيسى لو وجد وقد أثبته قوم من المسلمين وتأولوه على وجهين : أحدهما : أن الله جعل للملائكة أن تتصور بما شاءت من الصور المختلفة ، ألا ترى أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي ، ومرة في صورة أعرابي ، ومرة أخرى وقد سد بجناحيه ما بين الأفق ، ومنه قوله تعالى : ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) قيل : إن جبريل تصور بصورة رجل ، وهذه الصورة التي يتنقل إليها تخيلات ليست حقيقة ، فاللطمة أذهبت بالعين التي هي تخيل وليست حقيقة [ ص: 440 ] والثاني : أن معنى اللطمة : إلزام موسى لملك الموت الحجة حين راده في قبض روحه ، على حسب ما روي في الخبر ، وهذا مستعمل في كلام العرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية