صفحة جزء
حديث آخر .

434 - رواه ابن فورك ، ثم رأيته بعد ذلك في غريب الحديث لابن قتيبة فقال : حدثنيه أبو الخطاب زياد بن يحيى بن حسان قال : نا أبو عتاب ، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي قال : حدثني عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فلانا هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر ، فاهجه اللهم والعنه عدد ما هجاني " وتكلم على تأويله فقال : " قوله : " اللهم اهجه " أي جازه على الهجاء كما قال : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وقال تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ) وليس الثاني اعتداء ولا سيئة في الحقيقة ، وإنما سمي باسمه لما كان جزاء له وكذلك قوله : ( يستهزئ بهم ) وقوله : ( سخر الله منهم ) ومنه قول الشاعر :

ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

[ ص: 462 ] .

فسمى الجزاء على الجهل جهلا ، كذلك قوله : " فاهجه اللهم " أي جازه على هجائه بعقوبة تحلها به .

واعلم أنه غير ممتنع على أصلنا إطلاق الهجو عليه سبحانه ، لأنه الهجو هو : الذم وقد ذم الله تعالىأبا لهب بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) وسمت العرب هذه السورة هجو أبي لهب ، وكذلك الاستهزاء والسخرية لا يمتنع وصف الله تعالى بهما ، لأن الاستهزاء والسخرية هو الانتقاص والاستهانة ، وقد ينتقص الله أقواما ويهون بهم ، قال تعالى : ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويضع آخرين " [ ص: 463 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية