صفحة جزء
والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض : أنه حوض عظيم ، ومورد كريم ، يمد من شراب الجنة ، من نهر الكوثر ، الذي هو أشد بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وأطيب [ ص: 281 ] ريحا من المسك ، وهو في غاية الاتساع ، عرضه وطوله سواء ، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر . وفي بعض الأحاديث : أنه كلما شرب منه وهو في زيادة واتساع ، وأنه ينبت في حال من المسك والرضراض من اللؤلؤ قضبان الذهب ، ويثمر ألوان الجواهر ، فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء . وقد ورد في أحاديث : إن لكل نبي حوضا ، وإن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم أعظمها وأحلاها وأكثرها واردا . جعلنا الله منهم بفضله وكرمه .

قال العلامة أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى في [ ص: 282 ] ( ( التذكرة ) ) : واختلف في الميزان والحوض : أيهما يكون قبل الآخر ؟ فقيل : الميزان ، وقيل : الحوض . قال أبو الحسن القابسي : والصحيح أن الحوض قبل . قال القرطبي : والمعنى يقتضيه ، فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم ، كما تقدم فيقدم قبل الميزان والصراط . قال أبو حامد الغزالي رحمه الله ، في كتاب ( ( كشف علم الآخرة ) ) : حكى بعض السلف من أهل التصنيف ، أن الحوض يورد بعد الصراط ، وهو غلط من قائله . قال القرطبي : هو كما قال ، ثم قال القرطبي : ولا يخطر ببالك أنه في هذه الأرض ، بل في الأرض المبدلة ، أرض بيضاء كالفضة ، لم يسفك فيها دم ، ولم يظلم على ظهرها أحد قط ، تظهر لنزول الجبار جل جلاله لفصل القضاء . انتهى .

فقاتل الله المنكرين لوجود الحوض ، وأخلق بهم أن يحال بينهم وبين وروده يوم العطش الأكبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية