قوله : ( والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق )     .  
ش : قال تعالى :  
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين     ( الأعراف : 172 )      
[ ص: 303 ]    . أخبر سبحانه أنه استخرج ذرية بني  
آدم   من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو . وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب  
آدم   عليه السلام ، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وإلى أصحاب الشمال ، وفي بعضها الإشهاد عليهم بأن الله ربهم :  
فمنها : ما رواه الإمام  
أحمد  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=964295إن الله أخذ الميثاق من ظهر  آدم   عليه السلام بنعمان - يعني : عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرها بين يديه ، ثم كلمهم قبلا ، قال :  ألست بربكم قالوا بلى شهدنا     . إلى قوله : المبطلون     .   
[ ص: 304 ] ورواه  
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  أيضا ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم  ،  
والحاكم  في المستدرك ، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .  
وروى الإمام  
أحمد  أيضا عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه : أنه سئل عن هذه الآية ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها ، فقال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=964296إن الله خلق  آدم   عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره ، فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله عز وجل ] إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة ، فيدخل به الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار     . ورواه  
أبو داود  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  ،      
[ ص: 305 ]  nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  في صحيحه .   
[ ص: 306 ] وروى  
الترمذي  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=964297لما خلق الله  آدم   مسح على ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على  آدم   ، فقال : أي رب ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلا منهم ، فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب ، من هذا ؟ قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له :  داود   ، قال : رب ، كم عمره ؟ قال : ستون سنة ، قال : أي رب ، زده من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر  آدم   ، جاء ملك الموت ، قال : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أولم تعطها ابنك  داود   ؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسي  آدم   ، فنسيت ذريته ، وخطئ  آدم   ، فخطئت ذريته     . ثم قال  
الترمذي     : هذا حديث حسن صحيح . ورواه  
الحاكم  وقال : صحيح على شرط  
مسلم  ولم يخرجاه .  
وروى الإمام  
أحمد  أيضا عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك  رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=964298يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء ، أكنت مفتديا به ؟ قال : فيقول : نعم ، قال : فيقول : قد أردت منك أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر      [ ص: 307 ] آدم   أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي شيئا     . وأخرجاه في الصحيحين أيضا .  
وفي ذلك أحاديث أخر أيضا كلها دالة على أن الله استخرج ذرية  
آدم   من صلبه ، وميز بين أهل النار وأهل الجنة .  
ومن هنا قال من قال : إن  
الأرواح مخلوقة قبل الأجساد     . وهذه الآثار لا تدل على سبق الأرواح الأجساد سبقا مستقرا ثابتا ، وغايتها أن تدل على أن بارئها وفاطرها سبحانه صور النسمة وقدر خلقها وأجلها وعملها ، واستخرج تلك الصور من مادتها ، ثم أعادها إليها ، وقدر خروج كل فرد من أفرادها في وقته المقدر له ، ولا يدل على أنها خلقت خلقا مستقرا واستمرت موجودة ناطقة كلها في موضع واحد ثم يرسل منها إلى الأبدان جملة بعد جملة ، كما قاله  
 nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم     . فهذا لا تدل الآثار عليه ، نعم ، الرب سبحانه يخلق منها جملة بعد جملة ، كما قاله على الوجه الذي سبق به التقدير أولا ، فيجيء الخلق الخارجي مطابقا للتقدير السابق ، كشأنه سبحانه في جميع مخلوقاته ، فإنه قدر لها أقدارا وآجالا ، وصفات وهيئات ، ثم أبرزها إلى الوجود مطابقة لذلك التقدير السابق .  
فالآثار المروية في ذلك إنما تدل على القدر السابق ، وبعضها يدل      
[ ص: 308 ] على أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة .