صفحة جزء
[ ص: 479 ] والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة والآثار السلفية كثيرة جدا : منها : قوله تعالى : وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا [ الأنفال : 2 ] . ويزيد الله الذين اهتدوا هدى [ مريم : 76 ] . ويزداد الذين آمنوا إيمانا [ المدثر : 31 ] . هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم [ الفتح : 4 ] . الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل [ آل عمران : 173 ] .

وكيف يقال في هذه الآية والتي قبلها إن الزيادة باعتبار زيادة المؤمن به ؟ فهل في قول الناس : قد جمعوا لكم فاخشوهم زيادة مشروع ؟ وهل في إنزال السكينة على قلوب المؤمنين زيادة مشروع ؟ وإنما أنزل الله السكينة في قلوب المؤمنين مرجعهم من الحديبية ليزدادوا طمأنينة ويقينا ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان [ آل عمران : 167 ] . وقال تعالى : وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون [ التوبة : 124 - 125 ] .

وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله ، في تفسيره عند هذه الآية ، فقال : حدثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم [ ص: 480 ] الساباذي ، قالا : حدثنا فارس بن مردويه ، قال : حدثنا محمد بن الفضل العابد ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، قال : حدثنا أبو مطيع ، عن حماد بن سلمة عن ابن المهزم ، عن أبي هريرة ، قال : جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، الإيمان يزيد وينقص ؟ فقال : لا ، الإيمان مكمل في القلب ، زيادته ونقصانه كفر .

فقد سئل شيخنا الشيخ عماد الدين بن كثير رحمه الله تعالى عن هذا الحديث ؟ فأجاب : بأن الإسناد من أبي ليث إلى أبي مطيع مجهولون لا يعرفون في شيء من كتب التواريخ المشهورة . وأما أبو مطيع ، فهو : الحكم بن عبد الله بن مسلمة البلخي ، ضعفه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وعمرو بن علي الفلاس ، والبخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وأبو حاتم الرازي ، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي ، والعقيلي ، وابن عدي ، والدارقطني ، وغيرهم . وأما أبو المهزم ، الراوي عن أبي هريرة ، وقد تصحف على الكاتب ، واسمه : يزيد بن سفيان ، فقد ضعفه أيضا ، غير واحد ، وتركه شعبة بن الحجاج ، وقال النسائي : متروك ، وقد اتهمه شعبة بالوضع ، حيث قال : لو أعطوه فلسين لحدثهم بسبعين حديثا !

[ ص: 481 ] وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان العقل والدين . وقال صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين . والمراد نفي الكمال ، ونظائره كثيرة ، وحديث شعب الإيمان ، وحديث الشفاعة ، وأنه يخرج من النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان .

فكيف يقال بعد هذا : إن إيمان أهل السماوات والأرض سواء ؟ ! وإنما التفاضل بينهم بمعان أخر غير الإيمان ؟ !

التالي السابق


الخدمات العلمية