صفحة جزء
قوله : ( ونؤمن بالكرام الكاتبين ، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين ) .

ش : قال تعالى : وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون [ الانفطار : 10 - 12 ] .

وقال تعالى : إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ ق : 17 - 18 ] .

وقال تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [ الرعد : 11 ] .

وقال تعالى : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون [ الزخرف : 80 ] .

وقال تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون [ الجاثية : 59 ] .

وقال تعالى : إن رسلنا يكتبون ما تمكرون [ يونس : 21 ] .

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يتعاقبون فيكم ملائكة [ ص: 558 ] بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد إليه الذين كانوا فيكم ، فيسألهم - وهو أعلم بهم - : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وفارقناهم وهم يصلون وفي الحديث الآخر : إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع ، فاستحيوهم ، وأكرموهم

[ ص: 559 ] جاء في التفسير : اثنان عن اليمين وعن الشمال ، يكتبان الأعمال ، صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه ، واحد من ورائه ، وواحد أمامه ، فهو بين أربعة أملاك بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل ، بدلا ، حافظان وكاتبان .

وقال عكرمة عن ا بن عباس : يحفظونه من أمر الله [ الرعد : 11 ] قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه .

وروى مسلم والإمام أحمد عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي ، لكن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير الرواية بفتح الميم من فأسلم ، ومن رواه فأسلم برفع الميم - فقد حرف لفظه . ومعنى فأسلم ، أي : فاستسلم وانقاد لي ، في أصح القولين ، ولهذا قال : فلا يأمرني [ ص: 560 ] إلا بخير ، ومن قال : إن الشيطان صار مؤمنا - فقد حرف معناه ، فإن الشيطان لا يكون مؤمنا .

ومعنى : يحفظونه من أمر الله [ الرعد : 11 ] - قيل : حفظهم له من أمر الله ، أي الله أمرهم بذلك ، يشهد لذلك قراءة من قرأ : يحفظونه بأمر الله .

[ ص: 561 ] ثم قد ثبت بالنصوص المذكورة أن الملائكة تكتب القول والفعل . وكذلك النية ، لأنها فعل القلب ، فدخلت في عموم يعلمون ما تفعلون [ الانفطار : 12 ] . ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها عليه سيئة ، وإذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة ، فإن عملها فاكتبوها عشرا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قالت الملائكة : ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر به - فقال : ارقبوه ، فإن عملها فاكتبوها بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، إنما تركها من جراي خرجاهما في ( ( الصحيحين ) ) واللفظ لمسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية