صفحة جزء
قوله : ( ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ) .

ش : أي ونثبت الخلافة بعد أبي بكر ، لعمر رضي الله عنهما . وذلك بتفويض أبي بكر الخلافة إليه ، واتفاق الأمة بعده عليه . وفضائله رضي الله عنه أشهر من أن تنكر ، وأكثر من أن تذكر . فقد روي عن محمد بن الحنفية أنه قال : قلت لأبي : يا أبت ، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : يا بني ، أوما تعرف ؟ فقلت ؟ لا ، قال : أبو بكر ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر ، وخشيت أن يقول : ثم عثمان ! فقلت : ثم أنت ؟ فقال . ما أنا إلا رجل من المسلمين .

وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر .

[ ص: 711 ] وفي صحيح مسلم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : وضع عمر على سريره ، فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه ، قبل أن يرفع ، وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت إليه ، فإذا هو علي ، فترحم على عمر ، وقال : ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وايم الله ، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذلك أني كنت كثيرا ما أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ، فإن كنت لأرجو ، أو لأظن أن يجعلك الله معهما .

وتقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، في رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزعه من القليب ، ثم نزع أبي بكر ، ثم استحالت الدلو غربا ، فأخذها ابن الخطاب ، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر ، حتى ضرب الناس بعطن .

وفي الصحيحين ، من حديث سعد بن أبي وقاص : قال : استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده نساء من قريش ، يكلمنه ، عالية أصواتهن - الحديث ، وفيه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إيها يا ابن الخطاب ! والذي نفسي بيده ، ما لقيك الشيطان سالكا [ ص: 712 ] فجا إلا سلك فجا غير فجك .

وفي الصحيحين أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول : قد كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي منهم أحد ، فإن عمر بن الخطاب منهم .

قال ابن وهب : تفسير محدثون : ملهمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية