قال : ثم حدث nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بحديث آخر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 537 ] ليس للمؤمن أن يذل نفسه . قيل : وما إذلاله نفسه ؟ قال : " يتعرض من البلاء لما لا يطيق " .
قيل : يا أبا سعيد ، فيزيد الضبي وكلامه في الصلاة ؟ قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم . قال المعلى : فقمت من مجلس الحسن ، فأتيت يزيد ، فقلت : يا أبا مودود ، بينما أنا والحسن نتذاكر إذ نصبت أمرك نصبا ، فقال : مه يا أبا الحسن قال : قلت : قد فعلت ، قال : فما قال الحسن ؟ قلت : قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم على مقالته . قال يزيد : ما ندمت على مقالتي ، وايم الله لقد قمت مقاما أخطر فيه بنفسي . قال يزيد : فأتيت الحسن ، فقلت : يا أبا سعيد ، غلبنا على كل شيء ، نغلب على صلاتنا ؟ فقال : يا عبد الله ، إنك لم تصنع شيئا ، إنك تعرض نفسك لهم . ثم أتيته ، فقال لي مثل مقالته ، قال : فقمت يوم الجمعة في المسجد والحكم بن أيوب يخطب ، فقلت : رحمك الله ، الصلاة ، قال : فلما قلت ذلك احتوشتني الرجال يتعاوروني ، فأخذوا بلحيتي وتلبيبتي ، وجعلوا يجئون بطني بنعال سيوفهم . قال : ومضوا بي نحو المقصورة ، فما وصلت إليه حتى ظننت أنهم سيقتلوني دونه . قال : ففتح لي باب المقصورة ، قال : فدخلت فقمت بين يدي الحكم وهو ساكت ، فقال : أمجنون أنت ؟ قال : وما كنا في صلاة ، فقلت : أصلح الله الأمير ، هل من كلام أفضل من كتاب الله ؟ قال : لا ، قلت : أصلح الله الأمير . أرأيت لو أن رجلا نشر مصحفا يقرؤه [ ص: 538 ] غدوة إلى الليل ، أكان ذلك قاضيا عنه صلاته ؟ قال : والله إني لأحسبك مجنونا ، قال : وأنس بن مالك جالس تحت منبره ساكت ، فقلت : يا أنس ، يا أبا حمزة ، أنشدك الله ، فقد خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبته ، أبمعروف قلت أم بمنكر ؟ أبحق قلت أم بباطل ؟ قال : فلا والله ما أجابني بكلمة . قال له الحكم بن أيوب : يا أنس ، قال : يقول : لبيك ، أصلحك الله ، قال : وكان وقت الصلاة قد ذهب ، قال : كان بقي من الشمس بقية ، فقال : احبسوه .
قال يزيد : فأقسم لك يا أبا الحسن - يعني للمعلى - لما لقيت من أصحابي كان أشد علي من مقامي ، قال بعضهم : مراء . وقال بعضهم : مجنون . قال : وكتب الحكم إلى الحجاج : أن رجلا من بني ضبة قام يوم الجمعة قال : الصلاة ، وأنا أخطب ، وقد شهد الشهود العدول عندي أنه مجنون ، فكتب إليه الحجاج : إن كانت قامت الشهود العدول أنه مجنون فخل سبيله ، وإلا فاقطع يديه ورجليه ، واسمر عينيه ، واصلبه ، قال : فشهدوا عند الحكم أني مجنون فخلى عني .
قال المعلى : عن يزيد الضبي : مات أخ لنا فتبعنا جنازته فصلينا عليه ، فلما دفن تنحيت في عصابة ، فذكرنا الله وذكرنا معادنا ، فإنا كذلك إذ رأينا نواصي الخيل والحراب ، فلما رآه أصحابي قاموا وتركوني وحدي ، فجاء الحكم حتى وقف علي فقال : ما كنتم تصنعون ؟ قلت : أصلح الله الأمير ، مات صاحب [ ص: 539 ] لنا فصلينا عليه ودفن ، فقعدنا نذكر ربنا ، ونذكر معادنا ، ونذكر ما صار إليه ، قال : ما منعك أن تفر كما فروا ؟ قلت : أصلح الله الأمير ، أنا أبرأ من ذلك ساحة وآمن للأمير من أن أفر ، قال : فسكت الحكم ، فقال عبد الملك بن المهلب - وكان على شرطته : تدري من هذا ؟ قال : من هذا ؟ قال : المتكلم يوم الجمعة ، قال : فغضب الحكم ، وقال : أما إنك لجريء ، خذاه ، قال : فأخذت فضربني أربع مائة سوط ، فما دريت حين تركني من شدة ما ضربني ، قال : وبعثني إلى واسط ، فكنت في ديماس الحجاج حتى مات الحجاج .
إلى هنا مسند nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .