صفحة جزء
[ ص: 170 ] رسول قيصر

1 - ( 1597 ) - حدثنا حوثرة بن أشرس ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، قال : كان رسول قيصر جارا لي زمن يزيد بن معاوية ، فقلت له : [ ص: 171 ] أخبرني عن كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل دحية الكلبي إلى قيصر ، وكتب معه إليه كتابا يخيره بين إحدى ثلاث : إما أن يسلم وله ما في يديه من ملكه ، وإما أن يؤدي الخراج ، وإما أن يأذن بحرب .

قال : فجمع قيصر بطارقته وقسيسيه في قصره ، وأغلق عليهم الباب ، وقال : إن محمدا كتب إلي يخيرني بين إحدى ثلاث : إما أن أسلم ولي ما في يدي من ملكي ، وإما أن أؤدي الخراج ، وإما أن آذن بحرب ، وقد تجدون فيما تقرءون من كتبكم أنه سيملك ما تحت قدمي من ملكي ، فنخروا نخرة حتى إن بعضهم خرجوا من برانسهم ، وقالوا : ترسل إلى رجل من العرب ، جاء في برديه ونعليه بالخراج ؟ فقال : اسكتوا إنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم ورغبتكم فيه ، ثم قال : ابتغوا لي رجلا من العرب ، فجاءوا بي ، فكتب معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابا ، وقال لي : انظر ما سقط عنك من قوله ، فلا يسقط عند ذكر الليل والنهار ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مع أصحابه ، وهم محتبون بحمائل سيوفهم حول بئر تبوك ، فقلت : أيكم محمد ؟ فأومأ بيده إلى نفسه ، فدفعت إليه الكتاب ، فدفعه إلى رجل إلى جنبه ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : معاوية بن أبي سفيان ، فقرأه فإذا فيه : كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار إذا ؟ [ ص: 172 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا سبحان الله ، إذا جاء الليل فأين النهار ؟ فكتبته عندي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك رسول قوم ، فإن لك حقا ، ولكن جئتنا ونحن مرملون ، قال عثمان : أكسوه حلة صفورية ، فقال رجل من الأنصار : علي ضيافته .

وقال لي قيصر فيما قال : انظر إلى ظهره ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أريد النظر إلى ظهره ، فألقى ثوبه عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم في نغص الكتف ، فأقبلت عليه أقبله ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني كتبت إلى النجاشي فأحرق كتابي ، والله محرقه ، وكتبت إلى كسرى عظيم فارس ، فمزق كتابي ، والله ممزقه ، وكتبت إلى قيصر فرفع كتابي ، فلا يزال الناس - ذكر كلمة - ما كان في العيش خير
.

التالي السابق


الخدمات العلمية