صفحة جزء
724 - ( 3479 ) - حدثنا أبو بكر بن زنجويه ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا ، وإن لي [ ص: 195 ] بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء ، قال : فأتى امرأته حين قدم ، فقال : اجمعي ما كان عندك ، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ، فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم ، قال : وفشا ذلك بمكة ، فأوجع المسلمين ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا ، وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب ، فعقر في مجلسه وجعل لا يستطيع أن يقوم .

قال معمر : فأخبرني الجزري ، عن مقسم ، قال : فأخذ العباس ابنا له يقال له : قثم ، وكان شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستلقى ، فوضعه على صدره ، وهو يقول :


حبي قثم شبيه ذي الأنف الأشم     بادي النعم
برغم أنف من رغم

قال معمر : قال ثابت : قال أنس : ثم أرسل غلاما له إلى [ ص: 196 ] الحجاج بن علاط ، فقال : ويلك ، ما جئت به ؟ وماذا تقول ؟ فما وعد الله خير مما جئت به ، قال الحجاج لغلامه : أقرئ أبا الفضل السلام ، وقل له : فليخل لي بعض بيوته لآتيه ، فإن الخبر على ما يسره ، فجاء غلامه ، فلما بلغ الباب ، قال : أبشر أبا الفضل ، فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه ، فأخبره بما قال الحجاج فأعتقه ، ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي ، واتخذها لنفسه ، وخيرها بين أن يعتقها فتكون زوجته ، وبين أن تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، ولكن جئت لما كان لي هاهنا ، أردت أن أجمعه وأذهب به ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لي أن أقول ما شئت ، فاخف علي ثلاثا ، ثم اذكر ما بدا لك .

قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع فجمعته فدفعته إليه ، ثم استمر به ، فلما كان بعد ثلاث ، أتى العباس امرأة الحجاج ، فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته أنه قد ذهب ، وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك ، قال : أجل ، لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد [ ص: 197 ] الله إلا ما أحببناه ، قد أخبرني الحجاج أن الله فتح خيبر على رسوله ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا ، قال : فإني صادق ، والأمر على ما أخبرتك .

قال : ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون : لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله ، قد أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على رسوله ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ما كان له ثم يذهب .

قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج من المسلمين من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس ، ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أو خزي على المشركين
.

التالي السابق


الخدمات العلمية