صفحة جزء
213 - ( 473 ) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبد العزيز بن سياه ، حدثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل ، قال : أتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ، قال : قلت : فيم فارقوه ؟ وفيم استحلوه ؟ وفيم دعاهم ؟ وفيم فارقوه ؟ وبم استحل دماءهم ؟ قال : إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بحيل ، فقال له عمرو بن العاص : [ ص: 365 ] أرسل إلي بالمصحف ، فلا والله لا نرده عليك ، قال : فجاء رجل يحمله فنادى : بيننا وبينكم كتاب الله ، ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ، الآية . قال علي : نعم ، بيننا وبينكم كتاب الله ، إنا أولى به منكم ، فجاءت الخوارج ، وكنا نسميهم يومئذ القراء ، وجاؤوا بأسيافهم على عواتقهم ، وقالوا : يا أمير المؤمنين ، ألا تمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، فقام سهل بن حنيف ، فقال : أيها الناس اتهموا أنفسكم ، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، ولو نرى قتالا قاتلنا ، وذاك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطاب ، فقال : يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا ، حتى أتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على حق ، وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، فنزل القرآن على محمد بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه ، فقال : يا رسول الله ، أوفتح هو ؟ قال : نعم ، قال : فطابت نفسه ورجع ، ورجع الناس . ثم إنهم خرجوا بحروراء - أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا - فأرسل إليهم علي [ ص: 366 ] ينشدهم الله ، فأبوا عليه ، فأتاهم صعصعة بن صوحان فأنشدهم ، وقال : علام تقاتلون خليفتكم ؟ قالوا : مخافة الفتنة ، قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل ، فرجعوا ، وقالوا : نسير على ما جئنا ، فإن قبل علي القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفين ، وإن نقضها قاتلنا معه ، فساروا حتى بلغوا النهروان ، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس ليلا ، قال أصحابهم : ويلكم ما على هذا فارقنا عليا ، فبلغ عليا أمرهم ، فقام ، فخطب الناس ، فقال : ما ترون ؟ أنسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم ؟ قالوا : بل نرجع إليهم ، فذكر أمرهم فحدث عنهم بما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فرقة تخرج عند اختلاف من الناس يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق ، علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة ، فساروا حتى التقوا بالنهروان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ، فقام علي ، فقال : يا أيها الناس ، إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله ، فلا يكون هذا فعالكم ، فحمل الناس حملة واحدة ، فانجلت عنهم وهم مكبون على وجوههم ، فقال علي : اطلبوا الرجل فيهم ، فطلب الناس الرجل فلم يجدوه ، حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم ، قال : فدمعت عين علي ، فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها [ ص: 367 ] قتلى بعضهم على بعض ، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه ، فقال علي : الله أكبر ، وفرح وفرح الناس ورجعوا ، وقال علي : لا أغزو العام ، ورجع إلى الكوفة ، وقتل رحمه الله ، واستخلف حسن ، وسار سيرة أبيه ، ثم بعث بالبيعة إلى معاوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية