صفحة جزء
قوله : [46] باب قول الله تعالى : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته .

وقال الزهري : من الله الرسالة ، وعلى رسوله البلاغ ، وعلينا التسليم .

(وقال كعب بن مالك : حين تخلف عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ) .

وقالت عائشة ، إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل "اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولا يستخفنك أحد" .

وقال معمر : ذلك الكتاب : هذا القرآن . هدى للمتقين : بيان ودلالة كقوله تعالى ذلكم حكم الله : هذا حكم الله . لا ريب فيه : لا شك . تلك آيات : هذه أعلام القرآن .

وقال أنس : بعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خاله حراما إلى قوم وقال : "أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فجعل يحدثهم" .

أما قول الزهري ، فأنبأنا به محمد بن أحمد بن علي شفاها ، عن يونس بن أبي إسحاق ، أن علي بن الحسين أنبأه ، عن الفضل بن سهل ، عن الخطيب أبي بكر بن ثابت الحافظ ، أنا محمد بن أحمد بن رزق ، ثنا عثمان بن أحمد ، ثنا حنبل بن إسحاق ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان قال : قال رجل للزهري يا أبا بكر : قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "ليس منا من شق الجيوب" ما معناه؟ فقال الزهري : من الله العلم [ ص: 366 ] وعلى رسوله البلاغ ، وعلينا التسليم .

(وهذا الرجل هو الأوزاعي ) .

أخرجه ابن أبي عاصم في ذكر الدنيا له عن دحيم ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي قال : قلت للزهري : فذكره في قصة .

وأما قول كعب بن مالك فمضى مسندا في "تفسير براءة" في حديثه الطويل ، وفي آخره قال الله تعالى يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله الآية .

وأما قول عائشة : فقال ابن أبي حاتم : ثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، ثنا عمي ، ثنا يونس ، عن الزهري ، أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة كانت تقول : احتقرت أعمال أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين نجم القراء ، الذين طعنوا على عثمان ، فقالوا قولا لا يحسن مثله ، وقرأوا قراءة لا يقرأ مثلها ، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها ، فلما تذكرت إذا (هم ) والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله ، فإذا أعجبك حسن عمل امرئ منهم "فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ولا يستخفنك أحد .

وقال البخاري في "كتاب خلق أفعال العباد" : ثنا يحيى بن بكير ، حدثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، "عن عائشة وذكرت الذي كان من شأن عثمان بن عفان وددت أني كنت نسيا منسيا فوالله ما أحببت أن ينتهك من [ ص: 367 ] عثمان أمر قط ، إلا (قد ) انتهك مني مثله ، حتى والله [لو] أحببت قتله لقتلت .

يا عبيد الله بن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم ، فوالله ما احتقرت عمل أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان ، فقالوا قولا لا يحسن مثله . وقرؤوا قراءة لا يحسن مثلها ، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها ، فلما تدبرت الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أعمال أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ولا يستخفنك أحد" .

وأما تفاسير معمر وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي : فأنبأنا محمد بن أحمد البزاز شفاها ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن علي بن حسين ، أنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ في كتابه ، عن أبي القاسم بن أبي عبد الله العبدي ، أنا أبو عمر عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، ثنا أبو خلفة الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد النوزي ، ثنا أبو عبيدة بكتاب "معاني القرآن وإعرابه له" ولفظه : ذلك الكتاب : معناه هذا القرآن ، وقد تخاطب العرب الشاهد ، فتظهر له مخاطبة الغائب ، فذكر كلاما ثم قال : لا ريب فيه : أي لا شك فيه . هدى للمتقين : أي بيانا للمتقين . وقال في موضع آخر منه : تلك آيات هذه آيات . وقال في موضع آخر : الآيات : الأعلام .

وأما حديث أنس ، فأسنده المؤلف في "المغازي" وفي "الجهاد" من حديث همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس في قصة بئر معونة . أنس [ ص: 368 ] قال : بعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقواما من بني سليم إلى بني عامر في سبعين فلما قدموا قال لهم خالي : أتقدمكم فإن أمنوني حتى أبلغهم ، عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وإلا كنتم قريبا مني . فتقدم فأمنوه فبينما هو يحدثهم ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث . ولفظه في المغازي : "قال فانطلق حرام أخو أم سليم ورجل أعرج ، ورجل من بني فلان ، قال : كونا قريبا حتى آتيهم ، فإن آمنوني كنتم ، وإن قتلوني أتيتم أصحابكم فقال : أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم؟ فجعل يحدثهم وأومأوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه" ، فذكر الحديث .

قوله فيه : [7531] حدثنا محمد بن يوسف ، ثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : "من حدثك أن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، كتم شيئا . . ." .

وقال محمد ، ثنا أبو عامر العقدي ، ثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : "من حدثك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كتم شيئا من الوحي فلا تصدقه ، (فإن ) الله تعالى يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " .

ورواه الإسماعيلي في مستخرجه ، عن علي بن العباس البجلي ، عن أحمد بن ثابت الجحدري ، عن أبي عامر (العقدي ) به .

التالي السابق


الخدمات العلمية