صفحة جزء
ذكر ثناء الناس عليه ومشائخه .

قال سليمان بن حرب : ونظر إليه يوما : هذا يكون له صيت .

قلت : وقد تقدم لأحمد بن حفص ، وقال البخاري : كنت إذا دخلت على سليمان ابن حرب ، يقول : بين لنا غلط شعبة .

[ ص: 401 ] وقال وراقه : وسمعته يقول : كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه ، وقال : هذه الأحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي .

وقال البخاري : اجتمع أصحاب الحديث ، فسألوني أن أكلم إسماعيل بن أبي أويس ليزيدهم في القراءة ، ففعلت ، فدعا الجارية ، وأمرها أن تخرج صرة دنانير ، وقال : يا أبا عبد الله ! فرقها عليهم ، قلت : إنما أرادوا الحديث ، قال : قد أجبتك إلى ما طلبت من الزيادة ، غير أني أحب أن يضم هذا إلى ذلك .

قال : وقال لي ابن أبي أويس : انظر في كتبي وما أملك لك ، وأنا شاكر لك ما دمت حيا .

وقال حاشد بن إسماعيل : قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري المدني : محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من أحمد ، فقال رجل من جلسائه : جاوزت الحد ، فقال أبو مصعب : لو أدركت مالكا ، ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت كلاهما واحد في الحديث والفقه .

وقال عبدان بن عثمان : ما رأيت بعيني شابا أبصر من هذا ، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل .

[ ص: 402 ] وقال قتيبة : جالست الفقهاء ، والزهاد ، والعباد ما رأيت منذ عقلت كمحمد بن إسماعيل ، وهو في زمانه كعمر في الصحابة .

وعن قتيبة أيضا : قال : لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة لكان آية ، وقال محمد بن يوسف الهمذاني : كنا عند قتيبة فجاء رجل شعراني ، يقال له : أبو يعقوب ، فسأله عن محمد بن إسماعيل ، فقال : يا هؤلاء ! نظرت في الحديث ، ونظرت في الرأي ، وجالست الفقهاء ، والزهاد ، والعباد ، ما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل .

وقال الفربري : كنا عند قتيبة ، فسئل عن طلاق السكران ، فقال : هذا أحمد ، وإسحاق ، وابن المديني ، قد ساقهم الله إليك ، وأشار إلى البخاري .

وقال أبو عمرو الكرماني : حكيت لمهيار بالبصرة ، عن قتيبة بن سعيد أنه قال : (لقد ) رحل إلي من شرق الأرض وغربها ، فما رحل إلي مثل محمد بن إسماعيل ، فقال مهيار : صدق ، أنا رأيته مع يحيى بن معين ، وهما جميعا يختلفان إلى محمد بن إسماعيل ، فرأيت يحيى ينقاد له في المعرفة .

وقال محمد بن قتيبة البخاري : كنت عند أبي عاصم النبيل ، فرأيت عنده غلاما ، فقلت له : من أين؟ قال : من بخارى ، قلت : ابن من؟ قال ابن إسماعيل ، فقلت : أنت قرابتي ، فقال لي رجل عند أبي عاصم : هذا الغلام يناطح الكباش ، يعني يقاوم الشيوخ .

[ ص: 403 ] وقال إبراهيم بن محمد بن سلام : كان الرتوث من أصحاب الحديث مثل سعيد بن أبي مريم ، والحجاج بن منهال ، وإسماعيل بن أبي أويس ، والحميدي ، ونعيم بن حماد ، والعدني ، والخلال ، ومحمد بن ميمون ، وإبراهيم بن المنذر ، وأبي كريب ، وأبي سعيد الأشج ، وإبراهيم بن موسى ، يقضون لأبي عبد الله البخاري على أنفسهم في النظر والمعرفة .

قلت : الرتوت بالراء المهملة ، والتاء المثناة من فوق ، وبعدها واو وبعدها تاء [ ص: 404 ] مثناة من فوق أيضا ، هم الرؤساء . قاله ابن الأعرابي .

وقال أحمد بن حنبل : ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل .

وقال يعقوب الدورقي : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة .

وقال نعيم بن حماد مثله .

وقال بندار : هو أفقه خلق الله في زماننا .

وقال موسى بن قريش : قال عبد الله بن يوسف التنيسي للبخاري : يا أبا عبد الله انظر في كتبي ، وأخبرني بما فيها من السقط ، قال : نعم .

وقال البخاري : دخلت على الحميدي ، وأنا ابن ثماني عشرة سنة ، وبينه وبين آخر اختلاف في حديث ، فلما بصر بي الحميدي ، قال جاء من يفصل بيننا ، فعرضا علي ، فقضيت للحميدي ، وكان الحق معه .

وقال البخاري : قال لي محمد بن سلام البيكندي : انظر في كتبي ، فما وجدت فيها من خطأ فأضرب عليه .

وقيل : كان محمد بن سلام يقول : كلما (دخل ) علي البخاري تحيرت ، ولا [ ص: 405 ] أزال خائفا منه .

وقال سليم بن مجاهد : كنت عند محمد بن سلام ، فقال : لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث .

وقال حاشد بن إسماعيل : رأيت إسحاق بن راهويه جالسا على المنبر ، ومحمد بن إسماعيل معه ، فأنكر محمد بن إسماعيل عليه شيئا ، فرجع إلى قول محمد .

وقال إسحاق : يا معشر أصحاب الحديث ! انظروا إلى هذا الشاب ، واكتبوا عنه ، فإنه لو كان في زمن الحسن بن أبي الحسن لاحتاج إليه لمعرفته بالحديث ، وفقهه .

(وقال البخاري : أخذ إسحاق بن راهويه كتاب التاريخ الذي صنفه ، فأدخله على عبد الله بن طاهر ، وقال : يا أيها الأمير ! ألا أريك بحرا؟ ) .

وقال البخاري : سئل إسحاق بن إبراهيم عمن طلق ناسيا؟ فسكت طويلا متفكرا . فقلت أنا : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل به ، أو تكلم . وإنما يراد مباشرة هؤلاء الثلاث : العمل والقلب ، أو الكلام والقلب ، وهذا لم يعتقد بقلبه ، فقال إسحاق : قويتني ، وأفتى به .

وقال أبو بكر المديني : كنا يوما عند إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن إسماعيل [ ص: 406 ] حاضر ، فمر إسحاق بحديث ، ودون صحابيه عطاء الكيخاراني ، فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله ! إيش هي كيخاران؟ قال : قرية باليمن ، كان معاوية بعث بهذا الرجل الصحابي إلى اليمن ، فسمع منه عطاء حديثين ، فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله ! كأنك شهدت القوم .

وقال البخاري : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني ، وربما كنت أغرب عليه ، قال حامد بن أحمد : فذكر هذا لعلي بن المديني فقال : ذروا قوله هو ما رأى مثل نفسه .

وقال أبو الفضل أحمد بن سلمة : حدثني فتح بن نوح النيسابوري ، قال : أتيت علي بن المديني ، فرأيت محمد بن إسماعيل جالسا عن يمينه ، وكان إذا حدث التفت إليه كأنه يهابه .

وقال البخاري : كان علي بن المديني يسألني عن شيوخ خراسان ، فكنت أذكر له محمد بن سلام ، فلا يعرفه إلى أن قال لي يوما : يا أبا عبد الله ! كل من أثنيت عليه فهو عندنا الرضى .

وقال الحسين بن الحريث : لا أعلم أني رأيت مثل محمد بن إسماعيل ، كأنه لم يخلق إلا للحديث . وقال رجاء بن مرجى : فضل محمد بن إسماعيل على العلماء [ ص: 407 ] كفضل الرجال على النساء ، وقال أيضا : هو آية من الآيات يمشي على وجه الأرض .

وقال البخاري : ذاكرني أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث ، فقلت : لا أعرفه فسروا بذلك ، وصاروا إلى عمرو بن علي ، (فقالوا ) له : ذاكرنا محمد بن إسماعيل بحديث فلم يعرفه ، فقال عمرو بن علي ، حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث .

وقال أبو عمرو الكرماني : سمعت عمرو بن علي الفلاس يقول : أبو عبد الله صديقي ليس بخراسان مثله .

وقال أبو عيسى الترمذي : كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منير ، فقال له لما قام : يا أبا عبد الله ! جعلك الله زين هذه الأمة . قال أبو عيسى : فاستحييت له فيه .

وقال الفربري : رأيت عبد الله بن منير يكتب عن البخاري وسمعته يقول ، (أنا ) من تلامذته .

قلت : وقد حدث عنه البخاري في الجامع الصحيح ، وقال : لم أر مثله ، وكانت وفاته سنة مات الإمام أحمد بن حنبل .

وقال أحمد بن الضوء : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير يقولان : ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل . وكان أبو بكر يسميه البازل ، يعني [ ص: 408 ] الكامل .

وقال وراق البخاري : سمعت يحيى بن جعفر البيكندي ، يقول : لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد ، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم . قال : وسمعته يقول : لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى .

وقال عبد الله بن محمد المسندي : محمد بن إسماعيل إمام فمن لم يجعله إماما فاتهمه .

وقال أيضا : حفاظ زماننا ثلاثة : فبدأ بالبخاري .

وقال علي بن حجر : أخرجت خراسان ثلاثة : البخاري ، وأبو زرعة ، والدارمي ، ومحمد بن إسماعيل أبصرهم وأعلمهم وأفقههم .

وقال علي بن حجر أيضا : لا أعلم مثله .

وقال أحمد بن إسحاق السرماري : من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل .

وقال حاشد بن عبد الله : رأيت عمرو بن زرارة ، ومحمد بن رافع عند محمد بن إسماعيل وهما يسألان محمد بن إسماعيل عن علل الحديث ، فلما قاما ، قالا : لمن حضر المجلس : لا تخدعوا عن أبي عبد الله ، فإنه أفقه منا وأعلم ، وأبصر . قال : وكنا يوما عند إسحاق بن راهويه وعمرو بن زرارة ، وهو يستملي [ ص: 409 ] على أبي عبد الله ، وأصحاب الحديث يكتبون عنه وإسحاق يقول : هو أبصر مني . قال : وكان محمد يومئذ شابا .

وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي : أخبرني عبد الله بن محمد الفرهياني ، قال : حضرت مجلس ابن إشكاب ، فجاءه رجل ، ذكر اسمه من الحفاظ ، فقال : ما لنا بمحمد بن إسماعيل طاقة ، فقام ابن إشكاب ، وترك المجلس غضبا من التكلم في حق محمد بن إسماعيل .

وقال عبد الله بن محمد بن سعيد بن جعفر : لما مات أحمد بن حرب النيسابوري ركب محمد بن إسماعيل ، وإسحاق يشيعان جنازته ، فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون ، ويقولون : محمد أفقه من إسحاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية