صفحة جزء
3097 - حدثنا أبو زرعة، ثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة، أخبرته، أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة: فقال أبو بكر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة" إنما كان يأكل آل محمد من هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يزيدوا على المأكل، وإني والله لا أغير صدقات النبي صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته؛ فلم تكلمه حتى ماتت، وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة كلها، فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس [ ص: 199 ] عن علي، ففزع علي عند ذلك إلى مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد، وكره علي أن يشهدهم عمر، لما يعلم من شدة عمر، فقال عمر لأبي بكر: لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسى أن يفعلوا بي، والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي، ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك، وما قد أعطاك الله عز وجل، وإنا لم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك قد استبددت علينا بأمر، وكنا نرى أن لنا نصيبا، وذكر علي قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقه، فلم يزل علي يتكلم حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، فأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الصدقات، فإني [لم] آل فيها عن الخير، وإني لم أكن لأترك فيها أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته، فقال علي: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر أربعا [رقي] على المنبر، فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره ببعض الذي اعتذر إليه علي من الأمر، فتشهد علي فعظم حق أبي بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكار فضيلته التي فضله الله بها، قال: ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا استبددتم علينا به، فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون، وقالوا لعلي: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع على الأمر المعروف.

التالي السابق


الخدمات العلمية