صفحة جزء
2293 - حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا خارجة بن مصعب الضبعي ، قال : حدثنا زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن ناسا قالوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تضارون - قال أبو داود : يعني هل تشكون - في الشمس بالظهيرة صحوا ليس فيها سحاب ؟ قالوا : لا ، قال : فهل تضارون في القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : ما [ ص: 630 ] تضارون في رؤية الله عز وجل يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، فإذا كان يوم القيامة أذن مؤذن : تبعت كل أمة ما كانت تعبد ، ولا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأنصاب والأزلام إلا تساقطوا في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر وغبر أهل الكتاب ، فيقال : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد عزيرا ابن الله ، فيقال : كذبتم ما اتخذ الله عز وجل من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ فيقولون : ربنا عطشنا فاسقنا ، فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فترفع لهم جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا ، حتى تساقطوا في النار ، ثم يدعى النصارى ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ قالوا : ربنا ، عطشنا فاسقنا ، فيشار إليهم : [ ص: 631 ] ألا تردون ؟ وترفع لهم جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا ، حتى يتساقطوا في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله ، عز وجل ، من بر أو فاجر ، أتاهم رب العالمين ، فقال : ماذا تنتظرون ؟ تبعت كل أمة ما كانت تعبد ، فيقولون : فارقنا الناس في الدنيا ، فلم نصحبهم ، فنحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : " هل بينكم وبين ربكم آية تعرفونها ؟ " فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ، فلا يبقى أحد كان يسجد لله طائعا في الدنيا ، إلا أذن له في السجود ، ولا يبقى أحد كان يسجد رياء أو نفاقا إلا صار ظهره طبقة واحدة ، كلما أراد أن يسجد خر لقفاه قال : ثم يرفعون رءوسهم فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا ، فيوضع الجسر ، وتحل الشفاعة ، ويقول : رب سلم سلم ، فيمر المؤمنون على الجسر ، فقيل : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة ، وإن فيه لخطاطيف وكلاليب وشوكة مفلطحة ، فيها شوكة [ ص: 632 ] عقيفاء ، يقال لها : السعدان ، يمر المؤمنون كطرف العين ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاود الخيل والركاب ، فناج مسلم ، ومخدوش مرسل ، ومكدوس في النار ، فإذا خلص المؤمنون من النار ، فوالذي نفسي بيده ، ما أنتم بأشد مناشدة لي في الحق من المؤمنين بالله عز وجل في إخوانهم الذين في النار ، فيقولون : ربنا ، إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويحجون معنا ، فيقول : انطلقوا فمن عرفتم وجهه فأخرجوه . وتحرم صورهم على النار ، فينطلقون فيخرجونهم ، قد أخذت الرجل النار إلى كعبيه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يرجعون فيقولون : ربنا ، ما تركنا في النار أحدا ممن أمرتنا أن نخرجه ، فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه ، قال : فيذهبون ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يرجعون فيقولون : ما تركنا في النار أحدا ممن أمرتنا أن نخرجه ، فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه نصف مثقال من خير فأخرجوه ، فيرجعون فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يرجعون فيقولون : ما تركنا في النار أحدا ممن أمرتنا أن نخرجه إلا أخرجناه ، فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير [ ص: 633 ] فأخرجوه ، فيذهبون فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يرجعون فيقولون : ما تركنا في النار أحدا ممن أمرتنا أن نخرجه إلا أخرجناه - وكان أبو سعيد الخدري يقول : فإن لم تصدقوا بهذا الحديث فاقرؤوا هذه الآية : إن الله لا يظلم مثقال ذرة الآية ، فيقول عز وجل : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ، فلم يبق إلا أرحم الراحمين ، قال : فيقبض الله ، عز وجل ، قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط ، قد صاروا حمما ، فيلقون في نهر من أفواه الجنة يسمى نهر الحياة ، فيخرجون من جيفهم كما تخرج الحبة من حميل السيل ، ألم تروا إليها ما يكون إلى الشجرة والحجر يكون خضراء ، أو صفراء ، أو ما يكون منها في الظل يكون أبيض ؟ - قالوا : يا رسول الله ، [ ص: 634 ] كأنك كنت ترعى بالبادية ! - فيخرجون كاللؤلؤ ، في رقابهم الخاتم ، فيقال : هؤلاء عتقاء الله الذين أخرجوا من النار بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ، فيقال : ادخلوا الجنة ، فما رأيتم من شيء فهو لكم ، فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين ، فيقول : لكم عندي ما هو أفضل من هذا ؟ فيقولون : يا رب ، وما هو أفضل من هذا ؟ فيقول : رضائي ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية