صفحة جزء
قوله: ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب

ولو ترى يا محمد ، إذ فزعوا يعني عند البعث، فلا فوت لا يفوتني أحد، ولا ينجو مني ظالم، وأخذوا من مكان قريب يعني القبور، وحيث كانوا فهم من الله قريب لا يبعدون عنه، ولا يفوتونه.

وقالوا يعني في الآخرة، آمنا به بمحمد والقرآن، وأنى لهم التناوش أي: التناول، وهو تفاعل من النوش الذي هو التناول، ومن همز فلأن واو التناوش مضمومة، وكل واو ضمتها لازمة جاز إبدال همزة منها، نحو أدؤر، والمعنى: كيف لهم أن يتناولوا الإيمان من بعد، يعني في الآخرة، وقد تركوه في الدنيا، وهو قوله: وقد كفروا به من قبل أي: كانوا كافرين بمحمد والقرآن في الدنيا قبل ما عاينوا من أهوال القيامة، ويقذفون بالغيب من مكان بعيد قال مجاهد : يرمون محمدا بالظن لا باليقين، وهو قولهم له: شاعر، وساحر، وكاهن.

ومعنى الغيب على هذا: الظن، وهو ما غاب علمه عنهم، والمكان البعيد بعدهم عن علم ما يقولون، والمعنى: يرمون محمدا بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون.

وحيل بينهم منع بين هؤلاء الكفار، وبين ما يشتهون قال ابن عباس : يعني الرجعة إلى الدنيا.

قال الحسن : يعني الإيمان، وقال مقاتل : يعني من قبول التوبة منهم.

كما فعل بأشياعهم بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار، من قبل أي: من قبل هؤلاء، إنهم كانوا في شك من البعث ونزول العذاب بهم، مريب موقع لهم في الريبة والتهمة.

التالي السابق


الخدمات العلمية