بسم الله الرحمن الرحيم.
لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب يعني: اليهود والنصارى،
والمشركين يعني: مشركي العرب،
منفكين منفصلين، وزائلين، يقال: فككت الشيء فانفك أي: انفصل منه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي : لم يكونوا منتهين عن كفرهم بالله، وعبادتهم غير الله.
حتى تأتيهم أي: حتى أتتهم، لفظه مستقبل ومعناه المضي، كقوله عز وجل:
ما تتلو الشياطين أي: ما تلت، وقوله:
البينة قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد
محمدا صلى الله عليه وسلم. وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل يعني
محمدا ، فبين لهم ضلالتهم وشركهم، ومعنى الآية: إخبار الله تعالى عن الكفار، أنهم
لم ينتهوا عن كفرهم وشركهم بالله حتى أتاهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن ، فبين لهم ضلالتهم وجهالتهم، ودعاهم إلى الإيمان، وهذا بيان عن النعمة، والإنقاذ به من الجهل والضلالة، والآية فيمن آمن من الفريقين، وهذه الآية من أصعب ما في القرآن نظما وتفسيرا، وقد تخبط فيها الكبار من العلماء، وسلكوا في تفسيرها طرقا لا تفضي بهم إلى الصواب، والوجه ما أخبرتك به، فاحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال، ويدل على أن المراد بالبينة
محمد صلى الله عليه وسلم، أنه فسرها، وأبدل منها، فقال:
رسول من الله يتلو صحفا يعني: ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها، وهو القرآن، ويدل على ذلك، أنه كان يتلو عن ظهر قلبه، لا عن كتاب، مطهرة من الباطل، والكذب، والزور.
فيها كتب يعني: الآيات، والأحكام المكتوبة فيها، قيمة عادلة، مستقيمة، غير ذات عوج، تبين الحق من الباطل.
ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب، بقوله:
وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة قال المفسرون:
لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله، فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا ، وآمن به بعضهم، وكفر آخرون.
ثم ذكر ما أمروا به في كتبهم، فقال:
[ ص: 540 ] وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وما أمروا في التوراة والإنجيل إلا بإخلاص العبادة لله، موحدين لا يعبدون معه غيره.
حنفاء على دين
إبراهيم ، ويقيموا الصلاة المكتوبة في أوقاتها، ويؤتوا الزكاة عند محلها، وذلك الذي أمروا به، هو:
دين القيمة دين الملة المستقيمة.
أخبرنا
أبو بكر التميمي ، أنا
أبو الشيخ الحافظ ، أنا
عبد الله بن عبد الملك ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=20323عبد الله بن عبد الوهاب ، نا
ابن نمير ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=11798أحمد الزبيري ، عن
معقل ، قال: قلت
للزهري : قوم يزعمون أن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان، فقرأ هذه الآية:
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين إلى قوله:
دين القيمة فمن زعم أن هذا ليس من الإيمان، فقد كذب.