صفحة جزء
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب

[ ص: 430 ] وأراد "بآل إبراهيم": إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وبـ "آل عمران": موسى وهارون، وإنما خص هؤلاء بالذكر لأن الأنبياء بأسرهم من نسلهم.

وقوله: على العالمين يعني عالمي زمانهم.

"ذرية" نصب على البدل من الذين اصطفاهم، بعضها من بعض أي: من ولد بعض; لأن الجميع ذرية آدم ثم ذرية نوح، والله سميع لما تقوله الذرية المصطفاة، عليم بما تضمره، فلذلك فضلها على غيرها.

قوله تعالى: إذ قالت امرأت عمران أي: اذكر يا محمد لقومك هذه القصة، وهي: إذ قالت امرأة عمران، يعني حنة أم مريم جدة عيسى عليه السلام، إني نذرت لك ما في بطني معنى نذرت : أوجبت، والنذر: ما يوجبه الإنسان على نفسه.

وقوله: محررا أي: عتيقا خالصا لله، خادما للكنيسة، مفرغا للعبادة ولخدمة الكنيسة، وكل ما أخلص فهو محرر، يقال: حررت العبد، إذا أعتقته.

قال ابن عباس: ولم يكن يحرر في ذلك الوقت إلا الغلمان، فحررت ما في بطنها قبل أن تعلم ما هو، حتى وضعت.

فلما وضعتها إذا هي جارية ف قالت عند ذلك: رب إني وضعتها أنثى اعتذرت إلى الله حين فعلت ما لا يجوز من تحرير الأنثى للكنيسة، والله أعلم بما وضعت هذا من كلام الله، لا من كلام حنة، ولو كان من كلامها لكان: وأنت أعلم بما وضعت.

لأنها تخاطب الله تعالى.

ومن ضم التاء جعل هذا من كلام أم مريم، قالت: والله أعلم بما وضعت بعد قولها: رب إني وضعتها أنثى .

[ ص: 431 ] قوله: وليس الذكر كالأنثى أي: في خدمة الكنيسة والعباد الذين فيها، لما يلحق الأنثى من الحيض والنفاس.

وإني أعيذها بك أي: أمنعها وأجيرها بك، وذريتها يعني عيسى، من الشيطان الرجيم المطرود المرمي بالشهب.

التالي السابق


الخدمات العلمية