يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط
قوله:
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم نزلت في النهي عن مداخلة اليهود
[ ص: 483 ] والمنافقين، وبطانة الرجل: خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن.
وقوله:
من دونكم أي: من دون المسلمين ومن غير أهل ملتكم.
وقوله:
لا يألونكم خبالا يقال: ألا يألو، إذا فتر وضعف وقصر.
و "الألو": التقصير، و "الخبال": الفساد والشر.
والمعنى: لا يدعون جهدهم في مضرتكم وفسادتكم.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: أي: لا يبقون غاية في إلقائكم فيما يضركم.
وقوله:
ودوا ما عنتم ما هاهنا: ما المصدر، والمعنى: ودوا عنتكم، وهو دخول المشقة على الإنسان ووقوعه فيما لا يستطيع الخروج منه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: تمنوا ضلالكم عن دينكم.
وقوله:
قد بدت البغضاء من أفواههم قد ظهرت عداوتهم بالشتيمة والوقيعة في المسلمين وإطلاع المشركين على أسرارهم،
وما تخفي صدورهم من العداوة والخيانة، أكبر أعظم مما أظهروا،
قد بينا لكم الآيات قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: قد بينا آياتهم لتعرفوهم بها.
إن كنتم تعقلون موقع نفع البيان.
ها أنتم أولاء تحبونهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: "ها": تنبيه دخل على أنتم، و "أولاء" في معنى: الذين، كأنه قيل: هأنتم الذين تحبونهم، ولا يحبونكم أي: تريدون لهم الإسلام وهو خير الأشياء، وهم يريدونكم على الكفر وهو الهلاك.
وتؤمنون بالكتاب كله قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يريد: بالذي أنزل على
محمد والذي أنزل على عيسى والذي أنزل على موسى.
وقوله:
وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ أي: عضوا الأنامل من الغيظ عليكم، ففيه تقديم وتأخير.
والغيظ: الإغضاب، يقال: غاظه.
أي: أغضبه.
والأنامل: أطراف الأصابع، الواحدة: أنملة، وعض الأصابع واليد من فعل المغضب الذي فاته ما لا يقدر
[ ص: 484 ] على أن يتداركه، أو يرى شيئا يكرهه ولا يقدر أن يغيره.
قال المفسرون: وإنما ذلك لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم، وصلاح ذات بينهم، وقوله:
قل موتوا بغيظكم أمر الله نبيه أن يدعو عليهم بهذا، وهو أن يدوم غيظهم إلى أن يموتوا،
إن الله عليم بذات الصدور بما فيها من خير وشر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: معناه: ما تخفيه القلوب من المضمرات.
قوله:
إن تمسسكم حسنة تسؤهم أي: إن نالكم نصر وغنيمة وخصب تسؤهم وتحزنهم، يقال: ساءه كذا، إذا أحزنه.
يسوءه مساءة.
وإن تصبكم سيئة أي: نالكم ضد ذلك،
يفرحوا بها وإن تصبروا على ما تسمعون من أذاهم، وتتقوا مقاربتهم في دينهم، والمحبة لهم،
لا يضركم كيدهم شيئا ضمن الله للمؤمنين النصر إن صبروا، وأعلمهم أن عداوتهم وكيدهم غير ضار لهم، وقرئ لا يضركم من ضاره إذا أضره.
إن الله بما يعملون محيط أي: عالم به، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة في هذه الآية: إذا رأوا من أهل الإسلام ألفة وجماعة وظهروا على عدوهم غاظهم ذلك وساءهم، وإذا رأوا فرقة واختلافا، أو أصيب المسلمون سرهم وأعجبوا به.