وقوله :
إلا ما قد سلف قال
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي : مضى في الجاهلية فإنكم لا تؤاخذون به في الإسلام ، وهم كانوا يجمعون في الجاهلية بين الأختين ، فحرم الله تعالى ذلك رحمة لهذه الأمة ، إذ علم شدة غيرة النساء بعضهن على بعض .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين .
قوله عز وجل :
والمحصنات من النساء يعني : ذوات الأزواج وهن محرمات على كل أحد إلا على أزواجهن لذلك عطفن على المحرمات في الآية التي قبلها .
و"الإحصان " يقع على معان منها : الحرية كقوله :
والذين يرمون المحصنات يعني : الحرائر ، ومنها : العفاف كقوله :
محصنات غير مسافحات يعني : عفائف ، ومنها : الإسلام ، من ذلك قوله : فإذا أحصن أي : أسلمن ، ومنها : كون المرأة ذات زوج من ذلك قوله :
والمحصنات من النساء .
ثم استثنى من ذوات الأزواج فقال
إلا ما ملكت أيمانكم يريد : إلا ما ملكتموهن بالسبي من دار الحرب ، فإنها تحل لمالكها ، ولا عدة عليها فتستبرأ بحيضة وتوطأ .
أخبرنا
أحمد بن محمد بن الحارث ، أخبرنا
عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ، حدثنا
أبو يحيى الرازي ، حدثنا
[ ص: 34 ] سهل بن عثمان العسكري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16354عبد الرحيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12318أشعث بن سوار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16203أبي الخليل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال :
لما سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس ، قلنا : يا رسول الله كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن ، فأنزل الله هذه الآية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وإذا
وقع السباء على الزوجين الحربيين أو على أحدهما انقطع النكاح بينهما ، وكان من سبي
أوطاس خلق كثير وقع السبي عليهن مع نسائهم ، ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=76223ألا لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تحيض حيضة ، فأباح وطأهن بعد الاستبراء لانفساخ نكاحهن .
قوله :
كتاب الله عليكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد هذا ما حرم ، يعني كتب تحريم ما ذكر من النساء عليكم .
قوله :
وأحل لكم ما وراء ذلكم وقرئ بضم الألف ، والفتح أشبه بما قبله ؛ لأن معنى :
كتاب الله عليكم كتب الله عليكم كتابا ، وأحل لكم فبناء الفعل للفاعل هنا .
ومن بنى الفعل للمفعول به ، فقال : وأحل لكم فهو في المعنى يؤول إلى الأولى وذلك مراعاة ما قبله ، وهو قوله :
حرمت عليكم أمهاتكم ، ومعنى
ما وراء ذلكم ما سوى هذه النساء اللاتي حرمت .
[ ص: 35 ] وقوله :
أن تبتغوا أي : تطلبوا ، بأموالكم : إما بنكاح وصداق ، أو بملك وثمن ، محصنين : متعففين عن الزنا ،
غير مسافحين غير زانين ، و"السفاح والمسافحة " : الزنا .
وقوله :
فما استمتعتم به منهن يعني : فما استمتعتم وتلذذتم من النساء بالنكاح الصحيح ،
فآتوهن أجورهن مهورهن ، فريضة : فإن استمتع بالدخول بها آتى المهر تاما ، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر .
وقوله :
ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لا إثم عليكم في أن
تهب المرأة للزوج مهرها ، أو يهب الرجل للمرأة تمام المهر إذا طلقها قبل الدخول . إن الله كان عليما بما يصلح أمر العباد ، حكيما : فيما بين لهم من عقد النكاح .
قوله جل جلاله :
ومن لم يستطع منكم طولا الطول الغناء والسعة والقدرة ، يقال : فلان ذو طول أي : ذو قدرة في ماله ، يراد بالقدرة هاهنا : القدرة على المهر .
وقوله :
أن ينكح المحصنات المؤمنات يريد الحرائر ، فمن فتح الصاد أراد : أنهن أحصن لحريتهن ولم تبتذلن كالإماء فهن محصنات ، ومن كسر الصاد أراد : أنهن أحصن أنفسهن لحريتهن ولم يبرزن بروز الأمة فهن محصنات .
وقوله :
فمن ما ملكت أيمانكم أي : فليتزوج مما ملكت أيمانكم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد جارية أخيك في الإسلام وهو أن يتزوج الرجل بمن يملك غيره ممن تكون على مثل حاله في الإسلام ، وهو قوله :
من فتياتكم المؤمنات الفتيات : المملوكات والإماء جمع فتاة ، تقول العرب للأمة : فتاة وللعبد : فتى وأفاد التقييد
[ ص: 36 ] بالمؤمنات : أنه لا يجوز
التزوج بالأمة الكتابية ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وسعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، ومذهب
مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يجوز التزوج بالأمة الكتابية ، والآية حجة عليه .
وقوله :
والله أعلم بإيمانكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي : اعملوا على الظاهر من الإيمان فإنكم محاسبون بما ظهر ، والله يتولى السرائر والحقائق .
وقوله :
بعضكم من بعض أي : في النسب كلكم بنو آدم ، فلا يتداخلنكم الأنفة من تزوج الإماء عند الضرورة .
وقوله جل جلاله :
فانكحوهن بإذن أهلهن قال ابن عباس : يريد اخطبها إلى سيدها .
ونكاح الأمة دون إذن السيد باطل .
وقوله :
وآتوهن أجورهن أي : مهورهن بالمعروف من غير مطل ولا إضرار .
وقوله : محصنات يريد : عفائف ، غير مسافحات غير زوان ،
ولا متخذات أخدان جمع خدن وهو الذي يخادنك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : المسافحة : هي التي تؤجر نفسها معلنة بالزنا ، والتي تتخذ الخدن : هي التي تزني سرا .
وكانت العرب في الجاهلية يعيبون الزنا العلانية ، ولا يعيبون اتخاذ الأخدان ، فجاء الله تعالى بالإسلام ، فهدم ذلك وقال :
قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : نهى الله تعالى عن
نكاح المسافحة ، وذات الخدن .
وقوله :
فإذا أحصن أي : الأزواج على معنى تزوجن ، ومن فتح الألف ، فمعناه أسلمن ، و"الإحصان "
[ ص: 37 ] معناه في اللغة : المنع ، ومنه قوله :
أحصنت فرجها أي : منعته عن الزنا .
وقوله :
فإن أتين بفاحشة أي زنا ،
فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب أي عليهن نصف الحد ، والمحصنات هاهنا : الأبكار اللاتي أحصنهن العفاف ، وحدهن مائة ، ويتنصف في حق الأمة إذا زنت .
وقوله : ذلك يعني : نكاح الأمة عند عدم الطول ،
لمن خشي العنت منكم يعني : الزنا وهو أن يخاف شدة الشبق والغلمة على الزنا ، فيلقى العذاب في الآخرة ، أو الحد في الدنيا .
أباح الله
نكاح الأمة بشرطين : أحدهما في أول الآية ، وهو عدم الطول ، والثاني في آخر الآية وهو خوف العنت .
ثم قال :
وأن تصبروا أي : عن تزوج الإماء ،
خير لكم لئلا يصير الولد عبدا ،
والله غفور رحيم .
قوله جل جلاله :
يريد الله ليبين لكم قال ابن عباس : ليبين لكم ما يقربكم إلى طاعته .
وقال غيره : ليبين لكم شرائع دينكم ، ومصالح أموركم .
ويهديكم سنن الذين من قبلكم يريد : دين
إبراهيم وإسماعيل ، دين الحنيفية ، ويتوب عليكم : يرجع بكم من معصيته التي كنتم عليها قبل هذا إلى طاعته التي أمركم بها ، والله عليم بما يصلحكم ، حكيم في تدبيره فيكم .
والله يريد أن يتوب عليكم يخرجكم من كل ما يكره إلى ما يحب ويرضى ،
ويريد الذين يتبعون الشهوات قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هم الزناة يريدون أن يزني أهل الإسلام ، وهو قوله :
أن تميلوا ميلا عظيما .
وقال
ابن زيد : هم جميع أهل الباطل في دينهم ، يريدون أن تميلوا ميلا عظيما عن الحق وقصد السبيل بالمعصية فتكونوا مثلهم .
يريد الله أن يخفف عنكم يعني : في أحكام الشرع ، وفي جميع ما يسره الله لنا ، وسهله علينا ، ولم يثقل التكليف كما ثقل على بني إسرائيل .
[ ص: 38 ] وخلق الإنسان ضعيفا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والأكثرون : يضعف عن الصبر عن الجماع ، ولا يصبر عن النساء ، فلذلك أباح الله له نكاح الأمة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي يستميله هواه وشهوته فهو ضعيف في ذلك .